تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالقاضي صار يجلس في ديوانه ويأتي الناس إليه للشهادة برؤية الهلال، وصار هناك أقوام مختصون برؤية الهلال، يتفاخرون بذلك على القنوات الفضائية، وكثيراً ما يشهدون برؤية أهلَّة يجزم أهل الاختصاص من المسلمين أنها لم تولد بعد. ويضطرب المسلمون وتختلف الرؤية من دولة إلى دولة. وقبل ثلاثة أعوام شهد أحد هؤلاء بالرؤية، ولم تعتبر شهادته لأن البلاد كانت مغطاة بعاصفة ترابية، ولكن الناس تناقلوا خبر رؤيته في رسائل الجوال، وظنّوا أن شهادته لا تُرَدّ، فأقيمت صلاة التراويح في كثير من مساجد الرياض وغيرها، وأنا سمعت التراويح بنفسي من نافذة السيارة.

فهذا هو الإشكال أيها الأخ الكريم: أن أصحاب الاختصاص يؤكدون أن الهلال غاب قبل الشمس، والشاهد يؤكد أنه رآه واضحاً بعد غروب الشمس، ولدينا الأدوات اللازمة للتحقق من صحة الدعوى، كما أن لدينا أصل الرؤية الجماعية وهي كافية لحسم هذا الجدل المتكرر.

وإليك المثال مما وقع بالأمس: مكتوب في تقويم أم القرى، الذي نعتمد عليه في صلواتنا، أن القمر يغرب في مكة الساعة 6:17 والشمس الساعة 6:18، وكتب في آخر الجملة بين قوسين (يغرب قبل الشمس). ومع ذلك شهد أقوام برؤية الهلال بعد غروب الشمس وأجيزت شهادتهم في السعودية وبضع دول، ووقع الاضطراب بين المسلمين. فإما أن يكون التقويم باطلاً وإما أن تكون الشهادة غير صحيحة، لا محالة.

وأما كلمة (الرؤية البيروقراطية): فإن كلمة (بيرو) معناها (مكتب)، أي إثبات الرؤية من داخل المكتب، بإزاء (الرؤية الميدانية). وأنت تدرك حفظك الله أن من أسس الإدارة الحديثة نزول المسؤول إلى موقع العمل واختلاطه بالعاملين بدلاً من إدارة العمل من المكتب.

ولو وقع نزاع على قطعة أرض، فقد يخرج القاضي للوقوف على الموقع، فلماذا لا يخرج القاضي أو أعوانه لرؤية الهلال، ويخرج معهم الأشخاص الذين يشهدون كل عام برؤية الهلال، فإذا رآه أحدهم كما رآه الجميع.

وكل عام أنتم بخير وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 06, 04:39 م]ـ

شيخنا الفاضل لي سؤال

ما حكم الشرع في الاعتماد علي الحساب في النفي دون الاثبات

فاذا اكد الحساب استحالة رؤية الهلال كان دليلا عنده علي خطا من شهد برؤيته

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[26 - 09 - 06, 02:44 ص]ـ

شيخنا الفاضل لي سؤال

ما حكم الشرع في الاعتماد علي الحساب في النفي دون الاثبات.

فاذا اكد الحساب استحالة رؤية الهلال كان دليلا عنده علي خطا من شهد برؤيته

قَدْ أَخْطَأَ مَنْ رَدَّ دِلالَةَ قَوْلِهِ «لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ» فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ من أن اعْتِبَارَ الْحِسَابِ فِي الْمَوَاقِيتِ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ بِقَوْلِهِ: الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ بِأَنَّهُ لا سَبِيلَ لِتَحْصِيلِ عُلُومِ الشَّرِيعَةِ إِلا بِالْكِتَابَةِ، وَلا يَتَسَنَّي قِسْمَةُ الْفَرَائِضِ وَالْمَوَارِيثِ إِلا بِعِلْمِ الْحَسَابِ. فَالْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدُوهُ: أَنَّ قَوْلَهُ «لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ» مَذْكُورٌ عَقِبَ حُكْمٍ خَاصٍّ وَهُوَ قَوْلُهُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ»، وَعَلَيْهِ فَالنَّفْيُ الْمَذْكُورُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْخُصُوصِ غَيْرُ مُتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ، فَلا تَصِحُّ مُعَارَضَتُهُ بِمَا أَوْرَدُوا، فَالْمُرَاد بِالْحِسَابِ هَاهُنَا حِسَابُ النُّجُومِ وَتَسْيِيرِهَا، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِالْحِسَابِ الْفَلَكِيِّ , وَمِمَّا دَلَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالنَّفْي أَنَّهُمْ حِينَ خَاطَبَهُمْ النَّبيُّ بِقَوْلِهِ «وَلا نَحْسُبُ» لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مِنْ ذَلِكَ إِلا النَّزْرَ الْيَسِيرَ، وَمَا عَلِمُوا مِنْهُ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَدُونَ بِهِ فِي صَوْمِهِمْ , فَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِالصَّوْمِ وَمَا شَابَهَهُ بِالرُّؤْيَةِ لا بِمَا عَدَاهَا مِنَ الْحَسابِ وَالتَّقْوِيْمِ، لِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهم فِي مُعَانَاةِ حِسَابِ النُّجُومِ وَتَعْقِيدَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ مَنْ يُتْقِنُ ذَلِكَ وَيَحْذَقُهُ. فَالْحَدِيثُ نَصٌّ وَاضِحُ الدِّلالَةِ عَلَى نَفْيِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْحِسَابِ أَصْلاً، وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ»، وَلَمْ يَقُلْ: فَسَلُوا أَهْلَ الْحِسَابِ، أوْ عَرِّجُوا عَلَى عُلُومِهِمْ وَمَعَارِفِهِمْ , وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْتَوِي فِي مَعْرِفَتِهِ الْمُكَلَّفُونَ، وَهُوَ إكْمَالُ الْعِدَّةِ، فَيَرْتَفِعُ الاخْتِلاف وَالنِّزَاع عَنْهُمْ.

وَإِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى الْعَمَلِ بِالْحِسَابِ وَالتَّقْوِيْمِ فِي الصَّوْمِ وَمَا شَابَهَهُ الرَّوَافِضُ , وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مُوَافَقَتُهُمْ. قَالَ أبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِي الْمَالِكِيُّ: وَإِجْمَاع السَّلَف الصَّالِح حُجَّة عَلَيْهِمْ. وَقَالَ اِبْن بَزِيزَةَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ فَقَدْ نَهَتْ الشَّرِيعَةُ عَنْ الْخَوْضِ فِي عِلْمِ النُّجُومِ لأَنَّهَا حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ لَيْسَ فِيهَا قَطْعٌ وَلا ظَنٌّ غَالِبٌ , مَعَ أَنَّهُ لَوْ اِرْتَبَطَ الأَمْر بِهَا لَضَاقَ إِذْ لا يَعْرِفُهَا إِلا الْقَلِيلُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير