? و اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله - (35).
? و الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - (36).
? والشيخ عبد الله الجبرين – سلمه الله - (37).
و قد منع من ترك الالتفات حال الأذان في المكبر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - (38)، بحجة: أن الالتفات غير معقول المعني؛ إذ يحتمل إبلاغ الناس و غير ذلك.
و يمكن أن يجاب عن ذلك:
بأن الالتفات الحكمة منه واضحة، ثم مقصد الأذان الأكبر: الإعلام، وهو يؤيد ما ذكر و الله أعلم.
و هنا تنبيه لطيف:
أن الترجيح بين الوسائل المشروعة مجال يتسع فيه الاجتهاد، وميدان يقبل تعدد الرأي، ولا ينبغي أن تضيق صدورنا ذرعاً به، مادامت أن المسألة لا تخرج عن الاجتهاد، و في هذا يقول ابن عاشور – رحمه الله -: " و هذا مجال يتسع فيه مصداق نظر الشريعة إلى المصالح، و عصمتها من الخطأ و التفريط، و لم أر من نبه على الالتفات إليه، و أحسب أن عظماء المجتهدين لم يغفلوا عن اعتباره .. " (39).
المسألة الثالثة: القيام حال الأذان.
اتفق الفقهاء على أن من سنن الأذان: أن يؤذن المؤذن ويقيم قائماً إذا أذن لجماعة (40)، وحكي الإجماع على ذلك، قال ابن المنذر - رحمه الله -:" و أجمعوا على أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائماً، وانفرد أبو ثور، فقال: يؤذن جالساً من غير علة " (41).
واستدلوا لذلك بما يأتي:
1 - بقوله عليه الصلاة والسلام:" يا بلال، قم فناد بالصلاة " (42).
2 - وبما جاء في بعض روايات حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - و فيه: " رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط فأذن .. " (43).
ووجه الدلالة من الحديثين: ظاهر، حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بلالاً – رضي الله عنه – بالقيام.
3 - وبما روي عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - أنه قال: " حق وسنة مسنونة ألايؤذن إلا و هو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم " (44).
ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر.
4 - ولأن القيام فعل مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا يؤذنون قياماً (45).
5 - و لأن القيام أبلغ في الإعلام بالأذان (46)، و قد جاءت الأحاديث في فضل إسماع المؤذن لغيره، منها: حديث عبدالرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال له: " إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذن بالصلاة،وارفع صوتك بالنداء، فإنه لايسمع مدى صوت المؤذن شيء إلا شهد له يوم القيامة "، قال أبو سعيد - رضي الله عنه -:"سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (47).
أثر مكبرات الصوت على هذه السنة:
يقصد بهذا الأثر: هل يؤذن المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر وهو جالس؛ لأن الصوت يبلغ الناس من خلال المكبر، أو لا؟ فأقول: الذي يظهر لي – و الله أعلم -: أن سنة القيام لا تزال باقية، و لو استخدم المكبر؛ للأمور الآتية:
1 - إن علة القيام ليست محصورة في الإبلاغ، بل انضم إلى ذلك مقصد آخر و هو: إظهار الاحترام و التكريم.
2 - و صوت القائم أبلغ و أرفع من القاعد، و معلوم أنه حال قيامه سيزيد الصوت قوة، لأن القيام مؤثر في ذات الصوت، و معلوم أن المقصد الأكبر: إبلاغ الصوت للناس، وزيادة من سيشهد له، كما جاء في الحديث السابق.
3 - و لأن القيام وسيلة لإبلاغ الصوت، والمكبر وسيلة لذلك، وإذا أمكن الجمع بين الوسيلتين - القيام و المكبر - كان أبلغ في تحقيق المقصود و تكثيره، وذلك أمر مشروع لأمرين:
أ - أن مباشرة الوسائل المشروعة كافة أدعى في حصول المقصود.
ب – أن الأصل في الوسائل الشرعية: الإعمال (48).
المسألة الرابعة: جعل الأصبعين في الأذنين.
اتفق الفقهاء على أنه يستحب للمؤذن أن يضع إصبعيه في أذنيه حال الأذان (49)، إلا أنه يوجد رأي لبعض المالكية بأنه جائز؛ وذلك لعدم و جوده في مسجد رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ (50)، ولكن رأي الجمهور أرجح، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
واستدل الجمهور لذلك بأدلة منها:
1 - حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - وفيه:" رأيت بلالاً يؤذن و يدور، و يتبع فاه ههنا وههنا، وإصبعاه في أذنيه " (51).
¥