تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يؤذن إلا إذا أمل اجتماع الناس، وهو رأي لبعض المالكية (90)، وبعض الشافعية (91).

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول بأدلة، منها:

1 - ما جاء أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ نام والصحابة - رضي الله عنهم - ناموا حتى طلع حاجب الشمس، فقال النبي_صلى الله عليه وسلم_:" يا بلال، قم فأذن بالصلاة " (92).

وجه الدلالة ظاهر، حيث أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ أمر بلالاً – رضي الله عنه – بالأذان للصلاة الفائتة.

2 - و لأن الأذان من سنن الصلاة المفروضة، فاستوى حال الوقت وبعده (93).

أدلة القول الثاني:

1 - ما جاء في قصة يوم الخندق، وفيها: "فدعا رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ بلالاً فأقام، فصلى الظهر وأحسن كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام للعصر .. " (94).

وجه الدلالة: أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ لما فاتته الصلاة يوم الخندق لم يؤذن لها، بل أقام فقط، مما يدل على أن الصلاة الفائتة لا يؤذن لها.

ويمكن أن يجاب:

بأن الحديث فيه إجمال، بينته الروايات الأخرى، و فيها: " فأمر بلالاً فأذن ثم أقام " (95).

2 - واستدلوا أيضاً: بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه:" فدعا بالماء فتوضأ، ثم صلى سجدتين، ثم افتتح الصلاة فصلى الغداة .. " (96).

وجه الدلالة: أن النبي_صلى الله عليه وسلم_ لم يؤذن للغداة، و لو كان مستحباً لفعله.

و أجيب عنه:

أ - لا يلزم من ترك الأذان أنه لم يؤذن، بل لعله أذن، ولم ينقله الراوي أو لم يعلم به.

ب- و لعله ترك الأذان لبيان جواز الترك، وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لاسيما في السفر (97).

3 - و لأن الأذان إعلام بطلب الحضور، وعند فواتها هم حضور فلا حاجة (98).

4 - و لأن الأذان للإعلام بالوقت، وقد فات (99).

5 - و لأن فيه إلباساً للسامعين (100).

و يمكن أن يجاب عن ذلك:

بأن هذه علل إنما يلتفت إليها: إذا عدم النص.

أدلة القول الثالث:

الأذان شرع للإعلام وجمع الناس، فإذا لم يؤمل الجمع فلا يشرع الأذان؛ لأنه لا وجه له، أما إذا أمل الجمع كان له وجه فيشرع (101).

ويمكن أن يجاب عن ذلك:

بأن في الأذان مصالح أخر، غير الإعلام، مثل: إظهار التوحيد والبراءة من الشرك وأهله، والشهادة لمحمد_صلى الله عليه وسلم_ بالرسالة، و لا يسمع صوت المؤذن أحد إلا وشهد له كما سبق (102)، وما ذكروه هو المقصد الأساس من الأذان.

الترجيح:

الذي يظهر – والله أعلم – أنه يؤذن للفائتة، و ذلك لقوة ما ذكروا من استدلال، وما أورد على الأقوال الأخرى من مناقشة، لكن ينبغي عدم رفعه رفعاً يلبس على الناس و يشككهم في الصلاة.

أثر مكبرات الصوت على هذه السنة:

يقصد بهذا الأثر: هل يؤذن من فاتته الصلاة في المكبر أو لا.

فأقول:

الذي يظهر – و الله أعلم – أنه لا يستخدم المكبر في الأذان للفائتة، بل يؤذن لها بدون ذلك؛ و ذلك لما يأتي:

أن استخدامه يؤدي إلى التلبيس على الناس في دخول وقت الصلاة، و تشكيكهم في وقت صلاتهم، وذلك يؤدي إلى مفسدة أكبر من تلك المصلحة، و من المتقرر: أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح (103)،و مقصود الأذان يحصل بدون استخدام هذه الوسيلة، و كذلك الأجر المترتب عليه، و الأذان في الأصل إنما كان لأجل: دعوة الناس للصلاة، و حثهم لذا استحب رفعه، وفي الغالب: أنه في الأذان للفائتة: العدد يكون قليلاً، والله أعلم.

الفرع الثاني: إذا كانت الصلوات متعددة.

اختلف الفقهاء القائلين باستحباب الأذان للفائتة في الأذان لها إذا كانت متعددة، هل يكتفي بالأذان لأولى أو يؤذن لكل فريضة، و يمكن عرض أبرز الأقوال في ضوء النقاط الآتية:

القول الأول:

يؤذن للأولى فقط، و هو رأي لبعض الحنفية (104)، و بعض المالكية (105)، و هو المعتمد عند الشافعية (106)، و الحنابلة (107).

القول الثاني:

يؤذن لهما (108).

الأدلة:

أدلة القول الأول:

استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها:

1 - ما روي عن النبي_صلى الله عليه وسلم_ في يوم الخندق، وفيه: " أن المشركين شغلوا رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر النبي_صلى الله عليه وسلم_ بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء ". (109)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير