تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: صعوبة اللغة الحاكمة على كتب التراث، حيث يحيطها في كثير من الاحيان التعقيد والاغلاق في البيان مما يجعل على علومها في بعض الحالات اقفالا لا يملك مفاتحها الا ذوو الاختصاص والدربة. الامر الذي يجعل الافادة من تلك المعارف والعلوم محصورا في اطار خاص. واما القطاع العام من متوسطي الثقافة بل وحتى الراقين فيها فهم محجوبون عن ذلك.

وبالطبع فان ثمة عوامل موضوعية كانت تدعو السلف للكتابة بمثل هذا الاسلوب الذي يهتم - او ربما يبالغ - في التانق في تنضيد العبائر وسبكها باسلوب علمي رصين. بحيث اضحى هذا الامر في تلك الازمنة صناعة وفنا يتنافس فيه، وربما عد معيارا للتفوق عند البعض.

مشكلة التراث في العصر الحاضر:

ان التراث بكافة امتداداته وابعاده فضلا عن انه ماض نعتز به ونفخر، هو في الحاضر ضرورة وجود وحياة، فان الاستقلال الفكري لاية امة او جماعة انما يقاس بمدى ارتباطها بتراثها ووعيها لعمقها العلمي والحضاري في التاريخ.

ولكن كيف ننفتح على التراث، وكيف نمد جسور الوصل بيننا وبينه، بحيث تقراه الاجيال المعاصرة من دون اي التواء او تعقيد؟ وهنا تكمن المشكلة في كيفية الارتباط بالتراث الذي ربما تحول بيننا وبينه فواصل زمنية، واخرى بيئية وربما روحية توحي بالدعوة لنبذ التراث لانه جزء من الماضي ولانه خلق لغير عصرنا ولا يعنينا في شي ء من حاضرنا او مستقبلنا، خصوصا وان اجزاء من هذا التراث لا زالت في كتب صفراء يعلوها الغبار في اقبية المتاحف والمكتبات، او حبيس العبارات والمصطلحات والرموز، او غدا كما متراكما لا يسهل النفوذ اليه بسرعة، وكل هذا يهدد تراثنا بالعزلة والانكفاء من قبل اجيالنا المعاصرة; لان هذه الاجيال الفت في دراساتها الحديثة طرقا ومنا هج اخرى، ولم تعد تقرا او تطالع او تبحث بهذه الطريقة.

ولا يخفى على الخبير الواعي ما تتركه هذه العزلة من آثار سيئة على الامة الاسلامية، حيث الضياع الفكري وفقدان الاصالة والانتماء، وهذا ما يحتاج الى عودة ووثبة ترجع الامة الى ثقافتها وتراثها اللذين صنعا اصالتها واستقلالها في كافة الابعاد ... لابد من معالجة لفكر التراث تجعله امرا ميسورا تقراه جميع الطبقات الواعية للخروج به من حالة الركود او الانحصار والتفرد بهذه الطبقة او تلك، سيما التراث الفقهي، ذلك الوعاء المعرفي الكبير الذي يعتبر مادة تشريعية وقانونية للبشرية جمعاء، خصوصا وان الحياة المعاصرة تفرض كثيرا من المستجدات التي لم تتوقف في يوم من الايام، مما يشعرنا دائما بضرورة تراثنا الديني والفقهي للموائمة بين ما يفرضه الدين وما تواجهنا به الحياة الحديثة.

الطريقة الموسوعية:

ومن جملة المعالجات الناجحة التي يمكن ان تخدم تراثنا وتيسر فهمه وتختصر الطريق في ذلك ما اشرنا اليه وهو تشكيل دوائرة المعارف والموسوعات.

وقد اضحى هذا النمط من التدوين والبحث ضرورة علمية يحتمها الواجب الديني لتقريب المسافة بين الحاضر والماضي، وردم الهوة بينهما. ومن هنا كان امام العمل الموسوعي في سائر العلوم الاسلامية هدفان بارزان يراد تحقيقهما والبلوغ اليهما:

1 - عرض التراث الفقهي والفكري الذي حوته المصادر والكتب القديمة باسلوب ميسر ومفهوم.

2 - بحث المسائل بحثا موضوعيا، وذلك بجمع شتاتها المتفرق وفروعها العديدة ليسهل على الباحث - سواء كان من ذوي التخصص في تلك العلوم او لم يكن كذلك - ان يقف على نظرة متكاملة وراي جامع في الموضوع الذي يكون بصدده، الامر الذي يغنيه عن مراجعة عشرات المصادر مع ما يوفره من وقت وجهد.

وياتي في صدارة العلوم التي يجب اعادة صياغتها وتنظيم بحوثها على الترتيب الموسوعي ودوائر المعارف علم الفقه;

وذلك لجملة من الدواعي، وهي:

1 - قداسة هذا العلم ومسائله في نفوس المسلمين مما يدعوهم للعناية به اكثر من غيره.

2 - تضخم مباحث هذا العلوم بشكل مطرد ومستمر، سيما مع فتح باب الاجتهاد طوال هذه الفترة من تاسيس علم الفقه، الامر الذي يجعل الاحاطة بفروع البحث الفقهي امرا عسيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير