تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل اول من توسع في هذا الاطلاق في العالم العربي بطرس البستاني عندما قام بانشاء دائرة معارفه المعروفة في لبنان سنة 1876 م، والتي لم تلق رواجا في العالم العربي من حيث الاسم; اذ كان اسم الموسوعة اكثر شيوعا، ولكن لم يمض وقت طويل على صدور بقية الاجزاء حتى شقت دائرة المعارف طريقها، سيما بعد صدور دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي سنة 1938 م، ودائرة معارف فؤاد افرام البستاني، وغيرهما من دوائر المعارف.

مساس الحاجة الى دائرة المعارف:

لاريب ان غريزة حب الاطلاع والكشف عن المجهولات تعتبر احدى اهم الغرائز التي ركبت في الوجود البشري لتجسد البعد الروحي في شخصيته، شان الغرائز الروحية الاخرى كغريزة حب الخير والكمال، وغريزة التدين، وغريزة حب الجمال والفن وغيرها من الميول التي تجنح بالانسان الى ارواء تلك الرغبات، تماما كما تدعوه غرائزه المادية الى اشباع حاجاته الجسدية.

ومن الواضح فان البشر يتفاوتون - كما ونوعا - في التاثر بهذه الغريزة والانبعاث لندائها، فمنهم من يستجيب لها قليلا ومنهم من يستجيب لها كثيرا، ومنهم من يلبي دعوتها في واحد من المجالات فيحرم من المجالات الاخرى .. ومنهم من يشارك في اكثر من باب من ابواب العلم والمعرفة كما كان عليه الطراز الاول من علمائنا ممن يسمون بالموسوعيين .. فكل اذن يحمل من بحر العلم بقدر عزمه ونشاطه. ولا ننسى طائفة اخرى من الناس خصوصا في العصور الاخيرة ممن يطلب العلم بالمجان او باقل التكالى حتى اقترن اسم العلم لدى بعض - نتيجة لممارسات خاطئة - بالدعة والخمول.

وطريف ما كتبه احد كتاب «مذكرات تريفو» في اغسطس من سنة 1715 م وهو يشكو من هذه الظاهرة في مجتمعه الاوربي آنذاك: «لا يجب على كل امرى ء ان يكون عالما ولكنه يحاول ان يصير كذلك بثمن رخيص، تلك هي عبقرية عصرنا»، ولا غرابة في الامر فان ثمة اسباب ودواع تساعد على ظهور مثل هذه الظواهر المتطفلة على العلم، وتحدثنا احدى المصادر عن محنة هذه الفئة من الناس والاسباب التي دعتها لذلك فتكتب «هل كانوا يريدون ان يتعلموا الهندسة دون ان يلاقوا كثيرا من المشقة؟ ويتعلموا العلوم في وقت قصير وبلا مساعدة اي استاذ؟ واللاتينية وهم يلهون؟ والقواعد النحوية في سرعة وطريقة لذيذة؟ لاريب انهم في كل مرة كانوا يظفرون بما يريدون، لان هناك كتبا ظهرت حديثا تعرض عناوين مغرية مثل: (الرياضة صناعة هينة) و (منهج جديد به يستطيع المرء ان يصير عالما بلا استاذ وبلا دراسة وبلا مشقة) كان هذا الاتجاه ثابتا لا يتغير».

اجل، ولعل من آيات ثباته ما نلحظه في الفترات المتاخرة في نفوس انصاف واعشار المتفقهة والمتعلمين ممن يريد ان يثب على العلم فيطوي مراحله ببضع سنين ليحظى بذلك على لقب يخلع عليه، او موقع بين الناس يتمكن منه، وحقا ما قيل في هؤلاء! انهم يطلبون العلم يوم السبت، ويدرسونه يوم الاحد، ويعملون اساتذة له يوم الاثنين، اما يوم الثلاثاء فيطاولون الائمة الكبار ويقولون: نحن رجال وهم رجال!!

نستجير من يوم يسف فيه العلم فيقع زمام الامة الثقافي بيد امثال هؤلاء من ادعياء المعرفة.

ان الحقيقة التي تاخذ بناصية الجميع وتفرض نفسها واقعا

ماثلا لا يمكن المحيد عنه هي ان رقعة العلوم والفنون

والمعارف قد اخذت بالتشع ب والاتساع والتخصص، ولا تزال

كذلك مطردة في هذا الاتجاه يوما بعد آخر، فالفلسفة التي

كانت في يوم من ايام التاريخ تعني شطرا عظيما من العلم -

لما تحويه من علوم كان الانسان القديم محيطا بها او باكثرها

• تفرق جمعها وتشعبت حتى صار كل فرع من فروعها تتكفل بدراسته جامعة من جامعات العالم اليوم.

اضف الى ذلك اتساع الثقافات والحضارات والاتصالات بين الشعوب والامم، مما جعل العالم المعاصر كالقرية الواحدة التي يرتبط اقصاها بادناها في لحظة واحدة، وصارت ثقافة الامة - اية امة - ملكا طلقا وحقا عاما للجميع عبر مختلف وسائل النقل والاتصال، الامر الذي يدعو الانسان المعاصر - فضلا عن العالم المعاصر - الى مواكبة الحركة العلمية والفكرية والثقافية وتطورها من حوله، ليعرف حضارات الشعوب وثقافاتها المتباينة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير