تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعنصر آخر يفرض نفسه ويلقي بشبحه المخيف بشكل دائم هو محدودية العمر البشري، فان هذه الذخيرة لابد ان تقف يوما عند نقطة الانتهاء. وهذا ما يشير اليه قول علي (ع) «خذوا من كل علم ارواحه، ودعوا ظروفه، فان العلم كثير والعمر قصير». وقيل ايضا: «لو اوتي الانسان عمر نوح، واموال قارون على ان يجمع العلم لما استطاع».

وعليه، فاذا اراد الانسان ان يوازن بين هذه القضايا المتفرقة (غريزة حب الاطلاع تشعب العلوم وتضخمها، اتساع الثقافات وتوارد الحضارات، محدودية العمر البشري والامكانات) فلابد اذن من صياغة او طريقة توفق بين جميع تلك القضايا. وتعتبر دوائر المعارف المعاصرة هي الصياغة المثلى التي تتكفل بالاجابة على ما تقدم، فهي خير دليل للوصول بالباحث او القارى ء المثقف الى ما يريده من معلومات في مختلف ابواب الثقافة والعلم بطريقة يسيرة، وحسبه في ذلك القيام بحركة بسيطة لتناول الكتاب ثم العثور على مطلوبه.

وقد اطلق على هذا النمط من التدوين اسم «دائرة المعارف» او «الموسوعة»، وبهذا تكون دوائر المعارف قد اسدت خدمة علمية جسيمة، وقدمت متاعا فكريا ضخما لرواد العلم والمعرفة، ذللت به صعبا، وقربت به قاصيا، واختزلت به جهدا. وبالطبع فان وجود هذا الطرز من المصادر لا يلغي دور واهمية المصادر الام في كل علم من العلوم. وبكلمة اكثر وضوحا انها لا تلغي دور البحث والتحقيق، بحيث تعزل الباحث المحقق عن المصادر الاصلية، وتفقده روح التتبع والتنقيب والمثابرة وتدعوه للاكتفاء بما هو موجود في دوائر المعارف بقدر ما تكون بحوثها بمنزلة المدخل للباحث المتعمق تفيده في اعطاء تصور عام عن البحث، مضافا لدلالتها على مصادره التي تدرج عادة في ذيل كل مقالة منها.

ومما يشهد لما ذكرنا انه لم يعهد حتى الآن ان احدا تخصص في احد العلوم كالفقه او الطب او الفلسفة او غيرها عن طريق مطالعة دوائر المعارف مهما كانت متخصصة ومتقنة لتلك العلوم.

اقسام دوائر المعارف:

تطلق دائرة المعارف او الموسوعة على صنفين من اصناف التاليف: فتارة يلحظ في ترتيبها الموضوع فقط، وتسمى:

بدوائر المعارف الموضوعية، وتارة يلحظ في ترتيبها المادة حسب وضع حروفها، وتسمى: بدوائر المعارف الالفبائية او الابجدية.

وكل منهما اما ان يتحدد فيه دائرة البحث بموضوع علم واحد، واما ان تعم مجموعة من العلوم، فتكون الاقسام اربعة. قال المحقق الطهراني (قدس سره): «والكتب المدونة فيها على قسمين، خاصة ببعض العلوم او عامة لجميعها، وكل منهما اما ان يترتب على حسب موضوعات العلوم فموضوعية، واما ان يترتب على ترتيب حروف الهجاء فقاموسية. فهذه اربعة:

1 - عامة قاموسية.

2 - عامة موضوعية.

3 - خاصة قاموسية.

4 - خاصة موضوعية».

وستقف على نماذج لهذه الاقسام في فهرس الموسوعات ذيل هذا الفصل والذي يليه.

اولا: دوائر المعارف الموضوعية

ان اكثر الكتب والمؤلفات التي يطلق عليها اسم: «الموسوعة او دائرة المعارف» الى القرن الخامس الهجري، سواء في العهد الاسلامي او قبله تندرج في القسم الاول «دوائر المعارف او الموسوعات الموضوعية» حيث كان مدار التاليف والترتيب على الموضوع، ولما كان المتقدمون من ارباب المصنفات قبل الاسلام وبعده بشكل خاص لا تنحصر ثقافتهم بعلم او فن دون آخر، فقد كان كل واحد منهم يعد جامعة من العلوم المتنوعة كما تشهد لذلك آثارهم، حتى ان المقل منهم او المنصرف لباب او بابين من العلم لا يعد ممن يؤخذ منه العلم، (اذ كانت المعرفة في نظر طلابها كلا واحدا لا يتجزا يشمل علوم الدين والدنيا، ويعتبر الكون كله مجالا للبحث والتفكير والتاليف، وكان على طالب الثقافة ان يحفظ القرآن ويحيط بمعانيه، ويلم بما تيسر له من الحديث، ويحفظ ما تيسر له من شعر الجاهليين والمعاصرين، ويتمكن من اللغة وتاريخ العرب وايامهم وعلومهم الاولى كالطب والطبيعي والنبات والانواء والقيافة وماالى ذلك) وعرف مؤلفوا تلك الاثار بالموسوعيين او المكثرين.

الا ان الاتجاه الموسوعي هذا قد ضعف بعد القرن الرابع او الخامس على اكثر تقدير، ولا شك ان ثمة اسباب ادت لضمور هذا الاتجاه وضعفه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير