تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضا فقد رواه محمد بن جعفر غندر عن شعبة عن ورقاء عن سعد بن سعيد مرفوعا , كرواية الجماعة , وغندر أصح الناس حديثا في شعبة , حتى قال علي بن المديني: هو أحب إلي من عبد الرحمن بن مهدي في شعبة , فمن يكون مقدما على عبد الرحمن بن مهدي في حديث شعبة يكون قوله أولى من المقبري.

وأما حديث عثمان بن عمرو بن ساج , فقال أبو القاسم بن عساكر في أطرافه عقب روايتها: هذا خطأ , والصواب: عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب , من غير ذكر محمد بن المنكدر. وقد قال أبو حاتم الرازي: عثمان والوليد ابنا عمرو بن ساج , يكتب حديثهما ولا يحتج به , وقال النسائي: رأيت عنده كتبا في غير هذا. فإذا أحاديث شبه أحاديث محمد بن أبي حميد , فلا أدري: أكان سماعه من محمد أم من أولئك المشيخة؟

فإن كانت تلك الأحاديث أحاديثه عن أولئك المشيخة ولم يكن سمعه من محمد فهو ضعيف. وأما رواية إسماعيل بن عياش له عن محمد بن أبي حميد: فإسماعيل بن عياش ضعيف في الحجازيين ومحمد بن حميد متفق على ضعفه ونكارة حديثه , وكأن ابن ساج سرق هذه الرواية عن محمد بن حميد , والغلط في زيادة محمد بن المنكدر منه. والله أعلم.

وأما رواية أبي داود الطيالسي: فمن رواية عبد الله بن عمران الأصبهاني عنه , قال ابن حبان: كان يغرب , وخالفه يونس بن حبيب , فرواه عن أبي داود عن ورقاء بن عمر عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت , موافقة لرواية الجماعة.

فإن قيل: فالحديث - بعد هذا كله - مداره على عمر بن ثابت الأنصاري , لم يروه عن أبي أيوب غيره , فهو شاذ , فلا يحتج به!.

قيل: ليس هذا من الشاذ الذي لا يحتج به , وكثير من أحاديث الصحيحين بهذه المثابة: كحديث " الأعمال بالنيات " تفرد علقمة بن وقاص به , وتفرد محمد بن إبراهيم التيمي به عنه , وتفرد يحيى بن سعيد به عن التيمي. وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: ليس الشاذ أن يروي الثقة ما لا يروي غيره , إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.

وأيضا فليس هذا الأصل مما تفرد به عمر بن ثابت , لرواية ثوبان وغيره له عن النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ترجم ابن حبان على ذلك في صحيحه , فقال - بعد إخراجه حديث عمر بن ثابت -: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب , وذكر حديث ثوبان من رواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان , ورواه ابن ماجة.

ولكن لهذا الحديث علة , وهي أن أسد بن موسى رواه عن الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن يحيى بن الحارث به. والوليد مدلس , وقد عنعنه , فلعله وصله مرة , ودلسه أخرى. وقد رواه النسائي من حديث يحيى بن حمزة ومحمد بن شعيب بن سابور , وكلاهما عن يحيى ابن الحارث الذماري به. ورواه أحمد في المسند عن أبي اليمامة عن إسماعيل بن عياش , عن يحيى بن الحارث به , وقد صحح الحديث أبو حاتم الرازي , وإسماعيل إذا روى عن الشاميين فحديثه صحيح , وهذا إسناد شامي.

الاعتراض الثالث: أن هذا الحديث غير معمول به عند أهل العلم. قال مالك في الموطأ: ولم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها , ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف , وإن أهل العلم يكرهون ذلك , ويخافون بدعته , وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء , لو رأوا في ذلك رخصة عن أهل العلم , ورأوهم يعملون ذلك , تم كلامه , قال الحافظ أبو محمد المنذري: والذي خشي منه مالك قد وقع بالعجم , فصاروا يتركون المسحرين على عادتهم والنواقيس وشعائر رمضان إلى آخر الستة الأيام , فحينئذ يظهرون شعائر العيد. ويؤيد هذا ما رواه أبو داود في قصة الرجل الذي دخل المسجد وصلى الفرض , ثم قام يتنفل , فقام إليه عمر , وقال له " اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك , فبهذا هلك من كان قبلنا , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصاب الله بك يا ابن الخطاب ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير