قالوا: فمقصود عمر: أن اتصال الفرض بالنفل إذا حصل معه التمادي وطال الزمن ظن الجهال أن ذلك من الفرض , كما قد شاع عند كثير من العامة: أن صبح يوم الجمعة خمس سجدات ولا بد , فإذا تركوا قراءة {الم تنزيل} قرءوا غيرها من سور السجدات , بل نهى عن الصوم بعد انتصاف شعبان حماية لرمضان أن يخلط به صوم غيره فكيف بما يضاف إليه بعده؟ فيقال: الكلام هنا في مقامين:
أحدهما: في صوم ستة من شوال , من حيث الجملة والثاني: في وصلها به.
أما الأول فقولكم: إن الحديث غير معمول به: فباطل , وكون أهل المدينة في زمن مالك لم يعملوا به لا يوجب ترك الأمة كلهم له , وقد عمل به أحمد والشافعي وابن المبارك وغيرهم. قال ابن عبد البر: لم يبلغ مالكا حديث أبي أيوب , على أنه حديث مدني , والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه , والذي كرهه مالك قد بينه وأوضحه: خشية أن يضاف إلى فرض رمضان , وأن يسبق ذلك إلى العامة , وكان متحفظا كثير الاحتياط للدين , وأما صوم الستة الأيام على طلب الفضل , وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان , فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله , لأن الصوم جنة , وفضله معلوم: يدع طعامه وشرابه لله , وهو عمل بر وخير , وقد قال تعالى {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} ومالك لا يجهل شيئا من هذا , ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك , وخشي أن يعد من فرائض الصيام , مضافا إلى رمضان , وما أظن مالكا جهل الحديث , لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت , وأظن عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه , وقد ترك مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عمر بن ثابت. وقيل: إنه روى عنه , ولو لا علمه به ما أنكر بعض شيوخه , إذ لم يثق بحفظه لبعض ما يرويه , وقد يمكن أن يكون جهل الحديث , ولو علمه لقال به , هذا كلامه.
وقال القاضي عياض: أخذ بهذا الحديث جماعة من العلماء. وروي عن مالك وغيره كراهية ذلك , ولعل مالكا إنما كره صومها على ما قال في الموطأ: أن يعتقد من يصومه أنه فرض , وأما على الوجه الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم فجائز.
وأما المقام الثاني: فلا ريب أنه متى كان في وصلها برمضان مثل هذا المحذور كره أشد الكراهة , وحمي الفرض أن يخلط به ما ليس منه , ويصومها في وسط الشهر أو آخره , وما ذكروه من المحذور فدفعه والتحرز منه واجب , وهو من قواعد الإسلام.
فإن قيل: الزيادة في الصوم إنما يخاف منها لو لم يفصل بين ذلك بفطر يوم العيد , فأما وقد تخلل فطر يوم العيد فلا محذور. وهذا جواب أبي حامد الإسفراييني وغيره.
قيل: فطر العيد لا يؤثر عند الجهلة في دفع هذه المفسدة. لأنه لما كان واجبا فقد يرونه كفطر يوم الحيض , لا يقطع التتابع واتصال الصوم , فبكل حال ينبغي تجنب صومها عقب رمضان إذا لم تؤمن معه هذا المفسدة. والله أعلم.
ـ[راشد القحطاني]ــــــــ[01 - 11 - 06, 07:27 ص]ـ
نشكر الاخوة الداعين الى الخير في تبيان الحق ...
وأشكر الاخ الفاضل هشام الحلاف فقد اتحفنا برد لمن قال بعدم سنية صيام 6 ايام من شوال وإليكم نص القالة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت على مقال الكاتب جميل يحيى خياط، في صحيفة المدينة ليوم الجمعة 7 شوال، في مقاله (صيام الستة أيام من شوال فيه أقوال)، حيث ذهب إلى عدم مشروعية صيام هذه الأيام!
مستدلاً لذلك بأدلة ذكرها وستأتي مناقشتها باختصار في مقالي هذا، وقد تعجبت من جرأة الكاتب وتسرعه في حكمه ببدعية صيام هذه الأيام، مع كون الحديث الوارد فيها في صحيح مسلم! ومع شهرة القول بسنيتها بين عوام الناس أيضاًَ، فضلاً عن طلاب العلم، فكان من اللائق لمن يخالف قولاً مشهوراً أن يتروى ويتمهل، حتى لا يأتي بقول مهجور، قد رده العلماء من عصور!
بنى الكاتب قوله في عدم مشروعية صيام الست من شوال على عدة أمور:
أولاً: ذهب إلى تضعيف الحديث الوارد في هذه المسألة مع أن الحديث في صحيح مسلم!!
أما حجته في ضعف الحديث في ذاته فهو أمران:
¥