عبد العزيز وعبيد بن عمير , وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين. واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج بناته ولا أحد يكافئه , وبأنه {صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس وهي قرشية أن تنكح أسامة بن زيد مولاه , فنكحها بأمره} , وزوج صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية , وبأن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة , وهو مولى لامرأة من الأنصار , وبأن الكفاءة لا تخرج عن كونها حقا للمرأة والأولياء , فلم يشترط وجودها. ووجه اعتبارها عندهم , أن انتظام المصالح يكون عادة بين المتكافئين , والنكاح شرع لانتظامها , ولا تنتظم المصالح بين غير المتكافئين , فالشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس , وتعير بذلك ; ولأن النكاح وضع لتأسيس القرابات الصهرية , ليصير البعيد قريبا عضدا وساعدا , يسره ما يسرك , وذلك لا يكون إلا بالموافقة والتقارب , ولا مقاربة للنفوس عند مباعدة الأنساب , والاتصاف بالرق والحرية , ونحو ذلك , فعقده مع غير المكافئ قريب الشبه من عقد لا تترتب عليه مقاصده. وذهب الحنفية - في رواية الحسن المختارة للفتوى عندهم - واللخمي وابن بشير وابن فرحون وابن سلمون - من المالكية - وهو رواية عن أحمد. . إلى أن الكفاءة شرط في صحة النكاح , قال أحمد: إذا تزوج المولى العربية فرق بينهما , وقال في الرجل يشرب الشراب: ما هو بكفء لها يفرق بينهما , وقال: لو كان المتزوج حائكا فرقت بينهما , لقول عمر رضي الله تعالى عنه: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء. ولقول سلمان رضي الله عنه: ثنتان فضلتمونا بها يا معشر العرب , لا ننكح نساءكم ولا نؤمكم , ولأن التزوج مع فقد الكفاءة تصرف في حق من يحدث من الأولياء بغير إذنه , فلم يصح , كما لو زوجها بغير إذنها. وذهب الكرخي والجصاص وهو قول سفيان الثوري والحسن البصري إلى عدم اعتبار الكفاءة , وقالوا: إنها ليست بشرط في النكاح أصلا , واحتجوا بما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه , قال: وكان حجاما} , أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزويج عند عدم الكفاءة ولو كانت معتبرة لما أمر , وبقوله صلى الله عليه وسلم: {لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي , ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى} , وبأن الكفاءة لو كانت معتبرة في الشرع لكان أولى الأبواب بالاعتبار بها باب الدماء , لأنه يحتاط فيه ما لا يحتاط في سائر الأبواب , ومع هذا لم تعتبر , حتى يقتل الشريف بالوضيع , فهاهنا أولى , والدليل عليه أنها لم تعتبر في جانب المرأة , فكذا في جانب الزوج. وقال الشافعية: إن الكفاءة وإن كانت لا تعتبر لصحة النكاح غالبا بل لكونها حقا للولي والمرأة إلا أنها قد تعتبر للصحة كما في التزويج بالإجبار.
وقت اعتبار الكفاءة: 4 - ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الكفاءة تعتبر عند عقد النكاح , فلو كان الزوج عند عقد النكاح مستوفيا لخصال الكفاءة ثم زالت هذه الخصال أو اختلت , فإن العقد لا يبطل بذلك. . وهذا في الجملة , ولكل منهم في ذلك تفصيل: فقال الحنفية: تعتبر الكفاءة عند ابتداء العقد , فلا يضر زوالها بعده , فلو كان وقته كفؤا ثم زالت كفاءته لم يفسخ , وأما لو كان دباغا فصار تاجرا , فإن بقي عارها لم يكن كفؤا , وإن تناسى أمرها لتقادم زمانها كان كفؤا. وقال الشافعية: العبرة في خصال الكفاءة بحالة العقد , نعم إن ترك الحرفة الدنيئة قبله لا يؤثر إلا إن مضت سنة - كما أطلقه جمع - وهو واضح إن تلبس بغيرها , بحيث زال عنه اسمها ولم ينسب إليها أصلا , وإلا فلا بد من مضي زمن يقطع نسبتها عنه , بحيث لا يعير بها , وقد بحث ابن العماد والزركشي أن الفاسق إذا تاب لا يكافئ العفيفة , وصرح ابن العماد في موضع آخر بأن الزاني المحصن وإن تاب وحسنت توبته لا يعود كفؤا , كما لا تعود عفته , وبأن المحجور عليه بسفه ليس بكفء للرشيدة. وقالوا: إن طرو الحرفة الدنيئة لا يثبت الخيار. وهو الأوجه ; لأن الخيار في النكاح بعد صحته لا يوجد إلا بالأسباب الخمسة المنصوص عليها في بابه , وبالعتق تحت رقيق. وقال الحنابلة: لو زالت الكفاءة بعد العقد فللزوجة فقط الفسخ
¥