واحتج داود أيضاً ومن قال بقوله من أهل الظاهر بحديث شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال سألت أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا خرج مسيرة ثلاثة أيام أو ثلاثة فراسخ -شعبة الشاك- صلى ركعتين.
وأبو يزيد يحيى بن يزيد الهنائي شيخ من أهل البصرة ليس مثله ممن يحتمل أن يحمل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة التابعين ولا هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل، وقد يحتمل أن يكون أراد ما تقدم ذكره من ابتداء قصر الصلاة إذا خرج ومشى ثلاثة أميال على نحو ما قاله وذهب إليه بعض أصحاب مالك فلم يحسن العبارة عنه.
واحتجوا أيضاً بحديث شعبة عن يزيد بن خمير عن حبيب بن عبيد عن جبير بن نفير عن بن السمط أن عمر صلى بذى الحليفة ركعتين. فقلت له، فقال: أصنع كما رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع.
وهذا الحديث لا حجة فيه لأن عمر إنما صنع ذلك وهو مسافر إلى مكة وكذلك صنع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -).
وقال النووي في "شرح مسلم" (5/ 200): (
قوله يحيى بن يزيد الهنائي هو بضم الهاء وبعدها نون مخففة وبالمد المنسوب إلى هناء بن مالك بن فهم قاله السمعاني قوله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين هذا ليس على سبيل الاشتراط وإنما وقع بحسب الحاجة لأن الظاهر من أسفاره صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يسافر سفرا طويلا فيخرج عند حضور فريضة مقصورة ويترك قصرها بقرب المدينة ويتمها وإنما كان يسافر بعيدا من وقت المقصورة فتدركه على ثلاثة أميال أو أكثر أو نحو ذلك فيصليها حينئذ والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدات على جواز القصر من حين يخرج من البلد فانه حينئذ يسمى مسافراً).
وقال ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 91): (
وقول أنس [إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين] يحتمل أنه أراد به إذا سافر سفرا طويلا قصر إذا بلغ ثلاثة أميال كما قال في لفظه الآخر [إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين]).
وجاء ما يدل أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قصر فرسخاً، ((ولم أنظر في صحته)).
أقول: وعمدة ما رجحته آنفاً:
أن الرجوع للعرف واللغة هنا هو المتعين
فلما لم نجد العرف منضبطاً هنا أخذنا بما جاء عن حبر الأمة وترجمان القرآن:
قال ابن أبي شيبة (2/ 109 / 1): ابن عيينة عن عمرو قال: أخبرني عطاء عن ابن عباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: " لا تقصروا إلى عرفة وبطن نخلة، واقصروا إلى عسفان والطائف وجدة فإذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم ". وإسناده صحيح.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 04 - 07, 04:45 م]ـ
تنبيه مهم:
كان بين عرفة ومكة بريد (4فراسخ)، ولم يُعرَف أنهم كانوا يقصرون إذا خرجوا إليها .. عدا ما كان في الحج.
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 05:48 م]ـ
السلام عليكم .. يبدو أن الأخ صاحب الموضوع -جزاه الله خيرا- يتصور للعرف معنى أدق من معناه المقصود حيث يتصور تحديدا دقيقا وحدا فاصلا بين اللغة والعرف، وهما كثيرا ما يجتمعان، فغالبا إذا أطلق العرف يراد به العرف اللغوي،
انظر إلى كلام الإمام الشنقيطي -عند تفسير قوله تعالى: ((وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)):" العبرة بعموم اللفظ وهو العرف اللغوي." ومثله كثير عند العلماء، فلا تظن أن إشارة ابن تيمية إلى العرف، وإشارة غيره إلى اللغة اختلاف بينهم فالأمر سهل ميسر فلا يريد ابن تيمية غير العرف اللغوي الذي لا يفهم العربي غيره إذا أطلق السفر.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[07 - 04 - 07, 06:55 م]ـ
أورد لي -أخي الحبيب- بعض ما جاء في ذلك حتى نناقشه، وحتى يبرز الأمر للقارئ أيضاً.
¥