تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[28 - 03 - 07, 03:18 م]ـ

وعليه؛ فإنّ كلّ ما سبق وغيره يُضْعِف دلالة عموم النهي عن المكالمة بالنظر إلى قابليته للتخصيص، لذلك تُقدَّم النصوص الواردة في الصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليه لقوّتها، لأنّ العموم المحفوظ الذي لا يدخله التخصيص أقوى وأولى بالتقديم من العموم الذي دخله التخصيص، هذا من جهة الترجيح.

وأمّا من جهة التوفيق، فإنّ الذي يظهر لي ـ مِمّا سبق ـ أنّ اللغو من الكلام المنهي عنه يوم الجمعة والذي لا فائدة فيه ولا طائل تحته، إنّما هو الكلام الذي يحصل به التشويش ويصرف نظر الحاضرين عن الإمام وخطبته، ويكون ذلك في حالتين:

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[28 - 03 - 07, 03:18 م]ـ

1 ـ إذا ارتبط كلامه بمكالمة الناس، سواء كان في مرتبة الواجب كلأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتشميت العاطس وردّ السلام، أو ما كان دونه، إلاَّ إذا لحق ضرر بالمصلِّين ـ كما سبق بيانه ـ، لأنّ المراد بالإنصات هو السكوت عن مكالمة الناس مطلقاً إذ ظاهر الحديث يمنع هذا.

2 ـ إذا رفع المتكلّم صوته بحيث يَسمعه غيرُه، لكونه يصرف نظر الغير إليه ويشوّش على السامعين وتحدث الغفلة عن كلام الخطيب.

أما المتكلّم سرّاً، كالداعي سرّاً، فهو مُنْصِت، بل ساكت، وقد ورد وصفُه في حديث أبي هريرة عندما سكت الرسول صلى الله عليه وسلم هُنَيْهة قبل القراءة وبعد التكبير، فسأله أبو هريرة بقوله: " يا رسول الله ـ بأبي أنت وأمي ـ أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ماذا تقول؟ قال: «أقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَ بَيْنَ خَطَايَايَ ... » (8)، فوصف قوله بالسكوت وسمّاه ساكتا لكونه سرّا.

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[28 - 03 - 07, 03:19 م]ـ

فالحاصل أنّه تجوز متابعة الخطيب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو إذا أمر بالصلاة عليه، فضلاً على الذكر والدعاء، وليس ذلك من قبيل اللغو إذا ما تكلّم سرًّا لعدم خروجه عن الإنصات المطلوب شرعاً، فبهذا يتحقّق التوفيق بين الأدلة المتعارضة، والجمع بينها أولى من إهمال أحدهما على ما قرره أهل الأصول.

المرجع: " فَرائِدُ القَوَاعد لِحَلّ مَعَاقِد المسَاجد " (ص 58 ـ 69)

في المرفقات هذه المسألة فقط

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[28 - 03 - 07, 03:19 م]ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

الهوامش:

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري: 2/ 414 في الجمعة: باب الإنصات والإمام يخطب، ومسلم: 6/ 137 في الجمعة: باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) انظر "الأجوبة النافعة" للألباني: 59 ـ 60. "القول المبين" لمشهور: 34.

(3) متفق عليه من حديث جابر، وهذه رواية مسلم في "صحيحه": 6/ 164 في الجمعة: باب تحيّة المسجد والإمام يخطب، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4) كإنقاذ غريق أو واجب خشي فوته، ذلك لأنّ من حقّ المسلم على المسلم أن لا يُسْلِمَه، بأن يتركه يموت غريقا أو حريقا وهو مستمر في صلاته وأخوه يعاني غمرات الموت، قال الإمام أحمد: " وإذا رأى صبيين يقتتلان يتخوّف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنّه يذهب إليهما فليخلّصهما ويعود إلى صلاته وقد ثبت من حديث جريج أنّه لَمَّا دعته أمّه وهو يصلّي فقال: اللّهمّ أمّي وصلاتي، وتردّد أيّهما فأقدم فعوقب تلك العقوبة، والحال أنّ إجابته لأمّه وقضاء حاجتها لا تفوت باستمراره في الصلاة وإكمالها، فكيف يستمر في الصلاة ويؤثر بها مع ما يترتّب عليه به من هلاك مسلم، وأمكنه تحصيل حياته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا»، (مسلم: 2/ 35)، وحقيق بالتنبيه أنّ حديث جريج وإن كان شرع من قبلنا لكنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حكاه لنا، ولم يُذك ما يخلفه في شرعنا فكان شرعاً لنا، على ما تقرّر في القواعد الأصولية ("المغني" لابن قدامة: 2/ 247 ـ 249، "السيل الجرار" للشوكاني: 1/ 242 ـ 244).

(5) لأنّ الإشارة تجوز في الصلاة التي يبطلها الكلام ففي الخطبة أولى.

(6) متفق على صحّته: أخرجه البخاري: 2/ 412 في الجمعة: باب من جاء والإمام يخطب صلّى ركعتين خفيفتين، ومسلم: 6/ 162 في الجمعة: باب التحيّة والإمام يخطب، والترمذي: 2/ 384 في الصلاة: باب ما جاء في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب، وأحمد: 3/ 297، 316، من حديث جابر رضي الله عنه.

(7) متفق على صحّته: أخرجه البخاري: 2/ 507 في الإستسقاء: باب الإستسقاء في خطبة الجمعة، ومسلم: 6/ 191 في صلاة الإستسقاء: باب الدعاء في الإستسقاء، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(8) متفق عليه: أخرجه البخاري: 2/ 227 في صفة الصلاة: باب ما يقول بعد التكبير، ومسلم: 5/ 96، في المساجد: باب ما يقال بين تكبيره الإحرام والقراءة، وأبو داود: 1/ 493 في الصلاة: باب السكتة عند الإفتتاح، والنسائي: 2/ 128 في الإفتتاح: باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير