تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولاً: كِتَاب الأم. كتاب الأم يعد من أشهر مصنفاته رضي الله عنه، وآخرها، ألفه في مصر فِي أواخر حياته رواه عَنْهُ تلميذه الربيع بن سليمان المرادي، حيث يتمثل فِيه قوله الحديث الَّذِي استقر عَلَيْهِ مذهبه.

وَهُوَ بحق من أجل الكتب التي عرفها تراثنا الفقهي وَهُوَ مفخرة من مفاخر المسلمين عامة وأتباع المذهب الشَّافِعِيّ عَلَى وجه الخصوص، فهو موسوعة ضخمة شملت الفروع والأصول واللغة والتفسير والحديث، كَمَا إنَّهُ حوى بَيْنَ دفتيه عدداً هائلاً من الأحاديث والآثار وفقه السلف الصالح رحمهم الله تَعَالَى.

وَقَدْ شكك بعض الباحثين فِي صحة نسبة الكِتَاب للإمام الشَّافِعِيّ رضي الله عنه ومن بينهم الدكتور زكي مبارك فِي كتابه الموسوم ((إصلاح أشنع خطأ فِي تاريخ التشريع الإسلامي، كِتَاب الأم لَمْ يؤلفه الشَّافِعِيّ وإنما ألفه البويطي وتصرف بِه الربيع بن سليمان)).

وَقَدْ ردت هَذِهِ الدعوى وأتي عَلَيْهَا من قواعدها نسفاً بردود علمية رصينة رضية ومن أهم هَذِهِ الردود ما كتبه كل من:

1 - المحقق الأستاذ: السيد أحمد صقر فِي دراسته العلمية وتحقيقه لكتاب " مناقب الشَّافِعِيّ " لأبي بَكْر أحمد بن الحسين البيهقي.

2 - الشيخ مُحَمَّد أبي زهرة فِي كتابه " الشَّافِعِيّ " (63 - 170).

3 - الشيخ حسين والي فِي مجلة " نور الإسلام " (4/ 657 - 688).

4 - المحقق العلامة أحمد شاكر فِي مقدمة تحقيقه للرسالة (9 - 10).

5 - د. خليل إِبْرَاهِيم ملا خاطر فِي مقدمة تحقيقه لكتاب "مناقب الإمام الشَّافِعِيّ " لابن كثير (33 - 48).

وفي توالي التأسيس لابن حجر (83): قَالَ الربيع: ((أقام الشَّافِعِيّ هاهنا - أي فِي مصر - أربع سنين فأملى ألفاً وخمسمئة ورقة وخرج كِتَاب الأم ألفي ورقة …)).

نعم … وُجِدَتْ بعض التعليقات والتعقيبات لراوي الكِتَاب "الربيع" بل وُجِدَتْ فصولاً فِي الكِتَاب لَمْ تَكُنْ من تأليف الشَّافِعِيّ، والتي قَدْ نَصَّ عَلَيْهَا الربيع أَنَّهَا من قراءته عَلَى الإمام وليست من تأليفه، مِثْلَ ما جاء فِي غسل الميت قَالَ: ((أخبرني الربيع بن سليمان قَالَ: لَمْ أسمع هَذَا الكِتَاب من الشَّافِعِيّ وإنما أقرؤه عَلَى المعرفة)).

إلا أن هَذَا الَّذِي ذكرناه لا يقدح فِي كون الكِتَاب من تأليف الإمام الشافعي وخاصة إذا علمنا طريقة الإمام الشَّافِعِيّ فِي التصنيف والتي قَالَ عَنْهَا بحر بن نصر الخولاني فِي توالي التأسيس (77): ((وكَانَ يضع الكِتَاب بَيْنَ يديه ويصنف فإذا ارتفع لَهُ كِتَاب جاءه ابن هرم فكتب ويقرأ عَلَيْهِ البويطي وجميع من يحضر يسمع فِي كِتَاب ابن هرم ثُمَّ ينسخونه بَعد، وكَانَ الربيع عَلَى حوائج الشَّافِعِيّ فربما غاب فِي حاجة فيعلم لَهُ فإذا رجع قرأ الربيع عَلَيْهِ ما فاته)).

وتتلخص طريقة الإمام الشَّافِعِيّ فِي كِتَاب " الأم " بما يأتي:

يبوب الباب أولاً ثُمَّ يصدره بسرد الآيات القرآنية المتعلقة بمباحثه ويتناولها بالشرح والتحليل والاستنباط، ثُمَّ يفعل الأمر نفسه مَعَ الأَحَادِيث المتعلقة بالباب محتكماً إلى اللغة فِي فهمها والاستنباط مِنْهَا، ثُمَّ يعرض الآثار المنقولة عَن علماء السلف، وينقل فهمهم وتفسيرهم مَعَ استعماله للقياس، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كله يحاور ويناقش ويناظر بكل موضوعية وأدب مَعَ ذكر الأقوال ومذاهب الفقهاء من السلف فِي المسائل الخلافية.

وأحياناً يخصص لَهَا باباً فِي آخر الأبواب التي يجري فِي بعض مسائلها خلاف بَيْنَ العلماء، ويستوفي المسألة وأقوالها هناك: عرضاً واستدلالاً ومناقشةً.

علماً أن الكِتَاب قَدْ تكررت فِيْهِ بعض المسائل والمباحث؛ ومرد ذَلِكَ إلى طبيعة العمل الموسوعي واتصال مسائل الفقه وقضاياه ببعضها.

ويعد كِتَاب الأم كتاباً جامعاً لكثير من كتب الأصول والفقه والحديث حيث حوى بَيْنَ دفتيه: كِتَاب " الرِّسَالّةِ "، و" إبطال الاستحسان "، و" جماع العلم "،

و" اختلاف الحديث "، و" سير الواقدي "، و" سير الأَوْزَاعِيّ "، و" الرد عَلَى مُحَمَّد بن الحسن "، و" اختلاف العراقيين "، و" اختلاف علي وعبد الله بن مسعود "،

و" اختلاف مَالِك والشافعي ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير