تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا خرج الدم الإنسان هل يجب عليه أن يعيد الوضوء أو لا يجب عليه .. ؟؟

وصورة المسألة ومثالها: لو أن إنساناً توضأ ثم أصابه الرعاف بعد الوضوء فذهب وغسل أنفه وأزال أثر الدم عنه فهل يحكم بانتقاض وضوئه ووجوب الإعادة عليه أم أننا نقول إنه متوضئ ولا يجب عليه أن يعيد، اختلف العلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: من خرج منه الدم من أي موضع من جسده فإنه يجب عليه أن يعيد الوضوء وهذا هو مذهب الحنفية والحنابلة-رحمة الله على الجميع -، وبناءً على ذلك فإنه إذا أرعب الإنسان وجرح أي موضع من بدنه وخرج الدم فإنه يجب عليه أن يعيد الوضوء.

القول الثاني: لا يجب عليه أن يعيد الوضوء وإنما يجب عليه أن يغسل الدم عنه إذا كان كثيراً، إلا إذا كان الدم خارجا من الفرج-أعني فرج المرأة-وذلك بالاستحاضة فإنه ينتقض الوضوء بها، وهذا القول هو مذهب الشافعية والظاهرية وطائفة من أهل الحديث-رحم الله الجميع-، وبناءً على ذلك يكون محل الخلاف في غير دم الاستحاضة، أما دم الاستحاضة فإنه يوجب الوضوء قولاً واحداً عند جماهير العلماء ومنهم الأئمة الأربعة-رحمة الله على الجميع-.

استدل الذين يقولون إن الدم تنقض الوضوء: من أي موضع من البدن استدلوا بالقياس على دم الاستحاضة قالوا إن الدم يعتبر نجساً كما ذكرنا ودم الاستحاضة أوجب انتقاض الضوء لكونه نجساً خرج من البدن فقالوا كل دم نجس يخرج من سائر البدن يوجب انتقاض الوضوء وهذا القياس يقول به أصحاب القول الأول يخصصون به عموم قوله-عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) قالوا إن خروج النجاسة من أي موضع من البدن يعتبر موجباً لانتقاض الوضوء كخروج النجاسة من القبل بدم الاستحاضة وكخروج النجاسة من الدبر بجامع كون كل منهما فضلة من البدن نجسة.

وذهب أصحاب القول الثاني إلى عدم انتقاض الوضوء بخروج الدم من سائر البدن واستدلوا: بقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) قالوا دل هذا الحديث الصحيح على أن من توضأ لا يحكم بانتقاض وضوئه إلا بالحدث وخروج الدماء من غير المخرجين ليست بحدث ولا في حكم الحدث.

والذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بعدم انتقاض الوضوء بخروج من سائر البدن وذلك لصحة دلالة السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المتوضأ لا يحكم بانتقاض وضوئه إلا بالحدث وخروج الدم من سائر البدن ليس بحدث ولا في حكم الحدث وكونه نجساً لا يوجب انتقاض الوضوء.

وإذا تقرر أن الدم لا يوجب انتقاض الوضوء فإنه يكون في حكم الدم القيح وفي حكمه الصديد، فإن القيح والصديد كلا منهما يعتبر نجساً أما كون القيح نجساً فلأنه يتفرع عن الدم وأما الصديد فإنه في حكم الدم في موضعه ولذلك يعتبر كلا منهما نجساً عند جمهور العلماء-رحمهم الله-ويقع الخلاف فيهما كما هو واقع في الدم سواء بسواء.

وقد عفا فقهاء الحنابلة والحنفية -رحمهم الله-عن يسير القيح والصديد وقالوا إن كلا منهما يعتبر مرخصاً فيه إذا أصاب الإنسان ومحل الخلاف بين العلماء في مسألة الدماء والقيح والصديد إذا خرج الدم من الموضع أما إذا كانت الدماء في نفس الجروح فإنها ليست بمحل للخلاف.

وتوضيح ذلك: لو أن إنساناً جرح وبقي الدم في موضع الجرح ولم يخرج فإنه لا يحكم بنجاسته؛ والسبب في ذلك أن مواضع الجروح يشق غسلها وإذا غسلت فإنه تتعفن ويتضرر الإنسان ولذلك نص جماهير العلماء -رحمهم الله-على أن مواضع الجروح ليست محلا للخلاف كما أن الإنسان إذا خرج من دبره الخارج فيبقى في الموضع الخارج شئ من النجاسة فعفي عنه للمشقة، كذلك الجروح وهكذا إذا تجلط الدم على الجرح وهي القشرة التي تكون على الجرح فلو قيل بنجاستها ووجوب إزالتها لحصلت للناس مشقة في هذا الأمر فجميع ذلك يعتبر من العفو ولا يجب على المسلم إذا أصابه جرح ولم يدمع الجرح والمراد بدموع الجرح أن يخرج الدم عن موضعه فإنه حينئذٍ فإنه يعتبر من الرخصة والعفو ولكن إذا أصاب الثوب ذلك الموضع فنقل الدم عنه فحينئذ يجب غسل الدم الذي أصاب الثوب والرخصة محلها إذا بقي الدم في نفس الجرح، أما إذا بان عنه وانفصل فإنه يعتبر رخصة وبناء على ذلك تتضح مسائل الدماء على هذا التفصيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير