[إسعاف الفضلاء بما قيل في معنى (اشترطي لهم الولاء)]
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[11 - 04 - 07, 06:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, فهذه رسالة في أقوال أهل العلم في معنى قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (خذيها واشترطي لهم الولاء) من حديث عتقها لبريرة.
وبداية نقول أن العلماء اختلفوا, فمنهم من أنكر هذه اللفظة, ومنهم من صححها وهم الجمهور, ثم قال بعضهم بحملها على غير الظاهر على خلاف بينهم في كيفية ذلك, وقال البعض الآخر بحملها على الظاهر على خلاف بينهم في كيفية ذلك, وإليك التفصيل:
أولا: القول بإنكار هذه اللفظة:
قال النووي: " قوله صلى الله عليه وسلم: (اشتريها واعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق) وهذا مشكل من حيث إنها اشترتها وشرطت لهم الولاء وهذا الشرط يفسد البيع، ومن حيث إنها خدعت البائعين وشرطت لهم ما لا يصح ولا يحصل لهم، وكيف أذن لعائشة في هذا؟ ولهذا الإشكال أنكر بعض العلماء هذا الحديث بجملته وهذا منقول عن يحيى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللفظة في كثير من الروايات، وقال جماهير العلماء: هذه اللفظة صحيحة، واختلفوا في تأويلها "
قال الشوكاني في نيل الأوطار: " فروى الخطابي في المعالم بسنده إلى يحيى بن أكثم أنه أنكر ذلك .. وأشار غيره إلى أنه روي بالمعنى الذي وقع وليس كما ظن .. ".
ثانيا: أقوال من صرفوا الحديث عن ظاهره, وهؤلاء اختلفوا بعد أن اتفقوا على أن اللفظة ليست عليها ظاهرها اختلفوا في كيفية حملها على غير الظاهر على خمسة أقوال:
القول الأول: أن معناه: أظهري لهم حكم الولاء.
قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار:
" واما قوله في حديث هشام بن عروة خذيها واشترطي لهم الولاء فيكون معناه اظهري لهم حكم الولاء فانما الولاء لمن اعتق أي عرفيهم بحكم الولاء لان الاشتراط الاظهار ومنها اشراط الساعة ظهور علاماتها
قال اوس بن حجر
(فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... والقى بأسباب له وتوكلا)
أي اظهر نفسه فيما حاول ان يفعل "
قال ابن عبد البر في التمهيد:
" ورواه الشافعي عن مالك عن هشام بإسناده ولفظه إلا أنه قال اشرطي لهم الولاء ذكر ذلك عنهم الطحاوي فلم يدخل التاء قال الطحاوي ومعنى أشرطي لهم الولاء أي أظهري لهم حكم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق أي أظهري لهم ذلك وعرفيهم أن الولاء لمن أعتق لأن الاشراط هو الإظهار في كلام العرب ... قال ابو عمر ليس في حديث الشافعي عندنا من رواية المزني إلا اشترطي بالتاء فالله أعلم ". وقال ابن حجر بعد أن حكى قول الطحاوي بعدم إدخال التاء في حديث الطحاوي: " وأنكر غيره الرواية. والذي في " مختصر المزني " و " الأم " وغيرهما عن الشافعي كرواية الجمهور " واشترطي " بصيغة أمر المؤنث من الشرط ".
القول الثاني: أي اشترطي عليهم الولاء.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: " أي اشترطي عليهم كقوله تعالى (ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها) الاسراء 7 أي فعليها
وكقوله (اولائك لهم اللعنة) الرعد 25 أي عليهم
وقوله تعالى (فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ام من يكون عليهم وكيلا) النساء 109 قوله عليهم بمعنى لهم
قال النووي في شرحه على مسلم:
" وهذا منقول عن الشافعي والمزني، وقاله غيرهما أيضا وهو ضعيف لأنه صلى الله عليه وسلم أنكر عليهم الاشتراط، ولو كان كما قاله صاحب هذا التأويل لم ينكره وقد يجاب عن هذا بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أنكر ما أرادوا اشتراطه في أول الأمر "
قال الشوكاني في نيل الأوطار: " وقد أسند هذا البيهقي في المعرفة عن الشافعي، وجزم به الخطابي عنه وهو مشهور عن المزني ".
قال ابن دقيق العيد: " وفي هذا ضعف.
أما أولا: فلأن سياق الحديث، وكثيرا من ألفاظه: ينفيه.
وأما ثانيا: فلأن اللام لا تدل بوضعها على الاختصاص النافع، بل تدل على مطلق الاختصاص.
فقد يكون في اللفظ ما يدل على الاختصاص النافع، وقد لا يكون ".
¥