[أليس الجمع أولى بالمشقة من الليل؟]
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[11 - 12 - 07, 10:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
لم يكن الرمي ليلا مجازا إلى ما قبل عام 92 م ثم أجيز ذلك للحاجة استنادا إلى حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول (لا حرج). فسأله رجل فقال حلقت قبل أن أذبح قال (اذبح ولا حرج). وقال رميت بعدما أمسيت فقال: (لا حرج) رواه البخاري و كلام عن عطاء في موطأ مالك.
فقالوا " أمسيت " يدخل فيها حتى الليل و لكن قال ابن قدامة في المغني ما معناه أن هذا السائل كما في الحديث سأل " يوم النحر " و اليوم يطلق على النهار فهو رمى و لكن بعد العصر ربما.
و قد اختار بعض أهل العلم مثل ابن القيم أن اذكار المساء تقال بعد صلاة العصر و كذلك ثبت في الصحيحين: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون).
فقوله " ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار " دليل على أن ما بعد العصر داخل في مسمى المساء حتى و إن كان نهارا على الحقيقة لأن النبي صلى الله عليه و سلم وصف المغرب فقال: إذا أدبر النهار من هاهنا و أقبل الليل من هاهنا و غربت الشمس , الحديث " و كذلك قال تعالى " ثم أتموا الصيام إلى الليل " و يقصد بذلك المغرب.
فما بعد العصر مساء بلا ريب و هذا الرجل سأل في يوم النحر أي في نهاره فليس فيه دليل على جواز الرمي بالليل إلا من باب الأخذ بالمرجوح عند وجود المصلحة ولكنه مرجوح ضعيف جدا و معارض لما عليه العلم في العبادات من حيث مسألة الليل و النهار فليلة رمضان تسبقة فتصلى فيها التراويح دون صوم اليوم الذي يسبقها فالليل ليل رمضان و النهار ليس بنهاره فكذلك ليالي التشريق و استثناؤها من ذلك كيوم عرفة يحتاج إلى دليل كالذي ورد في وقوف الناس بعرفة " وكان قبل ذلك قد وقف بعرفة ليلا أو نهارا " فليس في الرمي شيء من هذا القبيل ولهذا فالذي يرمي في ليل يوم الحادي عشر يكون قد رمى في ليلة الثاني عشر! فإن كنت ستفوت الحادي عشر على كل حال فاجعل رميك في نهار الثاني عشر أولى من ليلته و هذا واضح.
و قد ورد نص صحيح بالرخصة للرعاة في جمع رمي يومين في يوم و ليس المقصود بذلك التعجل لأن التعجل عمل مشروع لكافة الناس على خلاف في أهل الحرم و ليس رخصة مبناها و سببها دفع المشقة كما في حديث عاصم بن عدي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الابل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر) رواه الخمسة وصححه الترمذي و هو حديث صحيح. ولكن الترخيص بالرمي في الليل لم أجد ثبوت رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم و انما جاء في الموطأ أن عطاء يذكر ذلك عن أهل الزمان الأول بالنسبة للرعاة.
فإذا كانت المشقة بها أجيز جمع يوم في يومين أليس هذا أولى بمن صعب عليه أن يرمي نهارا بأن يرمي من الغد كما رخص للرعاة و ليس بأن يرمي ليلا؟
فهذا فيه رخصة ثابتة بينما الليل ليس عليه دليل.
و الله أعلم