تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منسك النبي .. هل سيبقى؟]

ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[23 - 12 - 07, 08:52 م]ـ

منسك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. هل سيبقى؟.

حج النبي صلى الله عليه وسلم لمرة واحدة، في آخر عمره ..

حفظ الصحابة منسكه، وعرفوا قوله وأمره، ثم نقلوه للأمة كما هو، ما فات

عليهم منه شيء، ولا وهموا .. فصارت حجته كرأي العين، فحج المسلمون من بعدهم قرونا، لا يشكون أنهم يحجون كحجته عليه الصلاة والسلام، ويتفاخرون باتباع السنة، ويفرحون به؛ وما ذلك إلا لثبوت العلم عندهم بصورة الحجة النبوية تفصيلا؛ لأن الأمة حفظت الصورة، فنقلتها بأمانة.

ومهما اختلف الناس في بعض الأنساك: أكان ركنا، أو واجبا. وبعضها: أكان واجبا، أم سنة. غير أنهم اتفقوا على الذي فعله، وتركه .. والذي أمر به، ونهى عنه .. واتفقوا على أن اتباعه وتقليده في المنسك هو الحج التام وعلامة القبول .. واتفقوا على أنه قال: (خذوا عني مناسككم).

وقسموا الأنساك إلى ثلاثة مراتب: أركان، وواجبات، وسنن. وفي بعضها هم متفقون، كما اتفقوا على ركنية الوقوف بعرفة، ووجوب رمي الجمار، وسنية المبيت يوم التروية.

وفي كل هذه القرون كان الناس يتسابقون ليحجوا كحجته، فبقيت صورة حجته كما هي، يتناقلها الأجيال، جيلا بعد جيل، لا يكاد يمر جيل لا يعرف كيف حج صلى الله عليه وسلم. والذين يفرطون في موافقتها، يجدون في أنفسهم حسرة؛ أنهم لم يبلغوا بعملهم غايته، ويمنون أنفسهم بحجج أخرى لعلهم يظفرون بهذا الشرف.

في السنوات الأخيرة بدا تغير جذري؛ حدثت وسائل اتصال جديدة، وتيسرت أمور كانت تعيق وصول الحاج إلى مكة، فتوفر للملايين الوصول إلى الحج، وهو حدث غير مسبوق، فلم يكن يصل إليه إلا ما يقارب مائة ألف، قد يزيدون مائة أخرى.

ومع هذه الزيادة استعصى وتعذر اتباع سنته صلى الله عليه وسلم في حجته، إلا بمشقة وعسر غير عادي، فرضي كثير من الناس أن يحجوا، ولو لم يبلغوا بحجتهم صورة الحج النبوي، مع علمهم بهذا القصور، لكن تعللوا بالتعذر، وهم محقون في بعض ما يقولون.

فقد كثر عدد الموتى بسبب من الزحام، وكثر تأخر الناس عن مزدلفة وليالي منى، وتعذر مقامهم، وشق على الناس الطواف والسعي إلا بصعوبة بالغة؛ وصولا إلى البيت، وفي أداء العبادة نفسها.

في هذه الأثناء ظهر من يتهم الفتوى؛ أنها سبب هذه المشكلات، خصوصا التزاحم والوفاة عند الجمرات، يوم الثاني عشر؛ إذ ألزمت الناس الرمي بعد الزوال.

هنا بدت مشكلة أخرى كبرى؛ إذ تصدى جمع من أهل العلم لمحاولة حل هذه المشكلة شرعيا، فرضوا ما نسب إلى الفتوى من تحملها هلاك الحجاج، وحملوها الفتوى هم أيضا. وبدء البحث عن التسهيلات والتوسيعات على الحجيج .. فماذا كان؟.

* * *

حج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة، وقال فيه: (خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، فكان من سنته وهديه في الحج:

- أنه أمر أصحابه الذين تحللوا أن يحرموا بالحج من مكة، ثم يخرجوا جميعا؛ من أحل ومن لم يحل، إلى منى يوم الثامن، يوم التروية قبل الظهر، وفعل سائر الصلوات بوقتها، مع قصر الرباعية، إلى فجر اليوم التاسع؛ يوم عرفة.

- ثم خرج إلى عرفة، فنزل بنمرة، حتى إذا زالت الشمس دخل عرفة فخطب الناس وصلى بهم جمعا وقصرا في وقت الأولى، ثم أتى الصخرات فاستقبل القبلة، فمكث يدعو حتى غربت الشمس، ثم دفع إلى مزدلفة.

- ولما بلغ مزدلفة نزل المشعر الحرام، فصلى فيه المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم أذن للضعفة بالدفع بعد منتصف الليل، وبات هو إلى أن أصبح فصلى الفجر، ثم ذهب يدعو حتى قبل طلوع الشمس.

- فذهب إلى منى فرمى الجمرة الكبرى، سبع حصيات، فحل من إحرامه، وتحلل التحلل الأول. ثم نحر الهدي، ثم حلق، ثم ذهب فطاف بالبيت، وسعى المتمتع، وكذا القارن والمفرد اللذان لم يسعيا قبل .. كل ذلك في يوم النحر، وبها تحلل التحلل الثاني والأخير.

- ثم رجع إلى منى فبات بها ثلاث ليالي؛ الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، يرمي كل يوم نهارا، بعد زوال الشمس الجمرات الثلاثة، مبتدأ بالصغرى، كل واحدة بسبع حصيات.

- وفي أثناء ذلك: رخص للرعاة أن يرموا يومين في يوم، وفي عدم المبيت لأجل رعيهم. ولم يلزم الناس بالأيام الثلاث، فترك للناس أن يختاروا التعجل في يومين، أو التأخر إلى ثلاثة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير