تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ذكر صاحب الهداية في شرحه لهذا الكلام إن أبا يوسف جوز المشاركة بينهما، مع الكراهة. قال رحمه الله:» ولا بين المسلم والكافر، وهذا قول أبي حنيفة، ومحمد، رحمهما الله، وقال أبو يوسف، رحمه الله، يجوز؛ للتساوي بينهما في الوكالة والكفالة، ولا معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما ... إلا أنه يكره؛ لأن الذمي لا يهتدي إلى الجائز من العقود. ولهما: أنه لا تساوي في التصرف، فإن الذمي لو اشترى برأس المال خموراً أو خنازير - صح، ولو اشتراها مسلم، لا يصح «(16). وبنحو ذلك قال ابن نُجيم في البحر الرائق، وذكر تفصيلات وتفريعات للحنفية على هذه المسألة، لا حاجة إلى التطويل بذكرها (17).

· المذهب المالكي:

نص المالكية على عدم مشاركة المسلم لليهودي أو النصراني، إلا أن يكون هو الذي يتولى البيع والشراء؟. قال ابن القاسم:» ولا يشارك المسلم ذمياً، إلا أن لا يغيب على بيع أو شراء، إلا بحضرة المسلم «(18). وجاء في المدونة ما لفظه:» قال: قلت لمالك هل يشارك المسلم النصراني؟ قال: لا، إلا أن لا يوكله يبيع شيئاً، ويلي المسلم البيع كله، فلا بأس بذلك «(19). وقال الحطَّاب الرعيني:» ولا يصح لمسلم أن يشارك ذمياً، إلا أن لا يغيب الذمي على بيع، ولا شراء، ولا قضاء، ولا اقتضاء إلا بحضرة المسلم «(20).

إلا أن الحطَّاب الرعيني قد نقل عن بعض المالكية، كراهة مشاركة المسلم للذمي، إلا إن كان المسلم سيتولى البيع والشراء. قال رحمه الله تعالى:» وصرح بذلك في الشامل، فقال: وكرهت مشاركة ذمي، ومتهم في دينه، إن تولى البيع والشراء، وإلا جاز «(21).

وقد نص المالكية أن الأولى والأحوط، هو ألا يشارك المسلم إلا أهل الدين، والأمانة، والتوقي للخيانة، والربا، والتخليط في التجارة. قال ابن حبيب:» لا ينبغي للحافظ لدينه أن يشارك إلا أهل الدين، والأمانة، والتوقي للخيانة، والربا، والتخليط في التجارة «(22).

· المذهب الشافعي:

وأما الشافعية فقد ذهبوا إلى كراهة مشاركة المسلم للكافر. قال النووي في المجموع:» ويكره للمسلم أن يشارك الكافر سواء كان المسلم هو المتصرف أو الكافر أو هما «(23)، وقال في الروضة:» وتكره مشاركة الذمي، ومن لا يحترز من الربا ونحوه «(24)، وقال الشيرازي:» ويكره أن يشارك المسلم الكافر «(25). وقال في الوسيط:» يكره مشاركة أهل الذمة والفساق؛ لأنهم لا يحترزون عن الربا «(26).

· المذهب الحنبلي:

للحنابلة قولان في حكم شراكة المسلم للكافر، كالآتي:

1. الجواز، إن ولي المسلم التصرف، وهو الصحيح في المذهب.

2. الكراهة، روي هذا عن الأزجي، وروه أيضاً عن ابن عباس. ومنهم من قيد الكراهة بمشاركة الذمي، ومنهم من قيد الكراهة بمشاركة المجوسي.

قال في المبدع:» ولا تكره مشاركة كتابي، إن ولي المسلم التصرف، نص عليه ... وكرهه الأزجي، وروي عن ابن عباس، ولم نعرف له في الصحابة مخالفاً، ولأن أموالهم ليست بطيبة؛ فإنهم يبيعون الخمر، ويتبايعون بالربا، وكالمجوس نص عليه «(27). وقال ابن مفلح في الفروع:» لا تكره مشاركة كتابي، إن ولي المسلم التصرف، نص عليه. وقيل: ذمي. وكرهه الأزجي، كمجوسي، نص عليه «(28). وقال المرداوي:» لا تكره مشاركة الكتابي، إذا ولى المسلم التصرف، على الصحيح من المذهب، نص عليه، وقطع به الأكثر، وكرهها الأزجي. وقيل: تكره مشاركته إذا ذمي. الثالثة: تكره مشاركة المجوسي، نص عليه. قلت: ويلحق به الوثني، ومن في معناه «(29).

وقد نسب ابن قدامة القول بالجواز مع اشتراط تولي التصرف للمسلم إلى الحسن والثوري أيضاً. قال رحمه الله:» قال أحمد: يشارك اليهودي والنصراني، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه، ويكون هو الذي يليه؛ لأنه يعمل بالربا، وبهذا قال الحسن و الثوري «(30).

الأدلة على جواز أن يشارك المسلم الكافر:

استدل من قال بجواز أن يشارك المسلم الكافر، إن كان البيع والشراء بيد المسلم، بالآتي:

1. ما رواه الخلال بإسناده عن عطاء قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مشاركة اليهودي والنصراني، إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم ". قاله ابن قدامة (31)، ولم أجده، ولو صح فهو حديث مرسل.

2. وعن الحسن: أنه لم يكن يرى بأساً بشركة اليهودي والنصراني، إذا كان المسلم هو الذي يرى الشراء والبيع (32).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير