3. وعن ليث قال: كان عطاء وطاوس ومجاهد يكرهون شركة اليهودي والنصراني، إلا إذا كان المسلم هو الذي يرى الشراء والبيع (33).
4. وعن إياس بن معاوية قال: لا بأس بشركة اليهودي والنصراني، إذا كنت تعمل بالمال (34).
5. ولأن العلة في كراهة ما خلوا به، هو معاملتهم بالربا، وبيع الخمر والخنزير. وهذا منتف فيما حضره المسلم أو وليه (35).
أدلة كراهة مشاركة المسلم للكافر:
استدل من قال بكراهة أن يشارك المسلم الكافر، بالآتي:
1. عن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس، رضي الله عنهما: إن رجلاً جلاباً، يجلب الغنم، وإنه ليشارك اليهودي والنصراني؟ قال: لا يشارك يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً، قال: قلت: لم؟ قال: لأنهم يربون، والربا لا يحل (36). قال النووي:» ولا مخالف له «(37)، وقال في المبدع:» ولم نعرف له في الصحابة مخالفاً «(38).
وأما المجيزون فقد حملوا حديث ابن عباس هذا، على ما إذا كان البيع والشراء ليس بيد المسلم. وأيدوا ذلك بقوله: لأنهم يربون (39).
وقالوا أيضاً:» هو قول واحد من الصحابة، لم يثبت انتشاره بينهم، وهم لا يحتجون به «(40).
2. وعن عطاء – رحمه الله تعالى- قال: لا تشارك اليهود والنصراني، ولا يمروا عليك في صلاتك، فإن فعلوا فهم مثل الكلب (41).
3. وعن ابن سيرين قال: لا تعط الذمي مالا مضاربة، وخذ منه مالا مضاربة، فإذا مررت بأصحاب صدقة، فأعلمهم أنه مال ذمي (42).
4. وعن الضحاك قال: لا تصلح مشاركة المشرك في حرث، ولا بيع بعت عليه؛ لأن المشرك يستحل في دينه الربا وثمن الخنزير (43).
5. وعن الحسن قال: خذ منهم مالاً مضاربة، ولا تدفعه إليهم (44).
6. ولأنهم لا يمتنعون من الربا، ومن بيع الخمر والخنزير (45).
7. ولأنه لا يؤمن أن يكون ماله الذي عقد عليه هذه الشركة، مما حصله بطريق الربا، أو بيع الخمر والخنزير (46).
وقد رد المجيزون على هذين بأنه لا يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عاملهم، ورهن درعه عند يهودي على شعير أخذه لأهله، وأرسل إلى آخر يطلب منه ثوبين إلى الميسرة، وأضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة، ولا يأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ليس بطيب، وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم، فثمنه حلال؛ لاعتقادهم حله، ولهذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ولُّوهم بيعها وخذوا أثمانها (47).
وقالوا أيضاً: إن ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة، يقع فاسداً، وعليه الضمان؛ لأن عقد الوكيل يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير، فأشبه ما لو اشترى به ميتة، أو عامل بالربا، وما خفي أمره فلم يعلم، فالأصل إباحته وحله (48).
قلت: لو استدلوا بهذه الأدلة على الحرمة، لكان ذلك أوضح.
وأما من قيد الكراهة بالمجوسي، فعلل ذلك بأنه يستحل ما لا يستحل اليهودي والنصراني. قال ابن قدامة:» فأما المجوسي فإن أحمد كره مشاركته ومعاملته. قال: ما أحب مخالطته ومعاملته؛ لأنه يستحل ما لا يستحل هذا. قال حنبل: قال عمي: لا تشاركه ولا تضاربه، وهذا - والله أعلم - على سبيل الاستحباب، لترك معاملته والكراهة لمشاركته، وإن فعل صح؛ لأن تصرفه صحيح «(49).
وأما من ذهب إلى الحرمة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، فلعلهم مستندهم هو العمل بالأحوط، ولعلهم حملوا الآثار المتقدمة على الحرمة، لا الكراهة.
الخلاصة:
1. الشركة جائزة بكتاب الله، وإجماع المسلمين.
2. تقسم الشركة في الجملة على قسمين: شركة أملاك، وشركة عقود، وهذه على أضرب: شركة العنان، والمضاربة، وشركة الوجوه، وشركة الأبدان، وشركة المفاوضة.
3. اختلف العلماء في حكم شراكة المسلم للكافر، على أقوال كالآتي:
أ - حرمة الشراكة بين المسلم والكافر، وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومحمد بن الحسن.
ب - جواز المشاركة بينهما مع الكراهة، وهو ما ذهب إليه أبو يوسف، وهو ما ذهب إليه الشافعية، وبعض الحنابلة. ومن الحنابلة من قيد الكراهة بمشاركة المجوسي.
ت - الجواز، إن تولى المسلم التصرف، وهو مذهب المالكية، وهو الصحيح في مذهب الحنابلة، وقد خص بعض المالكية، وبعض الحنابلة هذا الحكم بالذمي.
¥