أولا: كلفة ومشقة والله يقول:لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.
ثانيا: يلزم من ذلك: تأخير ما وجب على الفور.
واعترضوا أيضا بما يلي:-
2 - يمكن التحرز منها, فإن طرق المدينة كانت واسعة ,ولم تكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهرا يعم الطرق كلها, بل إنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز منها.
3 - أنه يحصل من إراقتها شهرة ذلك ليشيع العمل على مقتضى تحريمها.
4 - الطرق التي أريقت فيها الخمر ليست مواضع للصلاة , بل هي مواضع الاستطراق , وعلى فرض أنه يشق الاحتراز منها فربما وطئها المار فنقول:إذا وطئها المار فإن رجله أو نعله يطهره ما بعده من الأرض الطاهرة.
5 - قد يقال: إن الخمر لما أريقت في الطرقات, وخالطها التراب, وتعرضت للشمس والهواء =كان ذلك سبيلا لاستهلاك الخمر واستحالتها وذهاب المادة المسكرة منها.
واعترض على الدليل الثاني بما قال القرطبي: قوله تعالى: " رجس " يدل على نجاستها، فإن الرجس في اللسان النجاسة، ثم لو التزمنا ألا نحكم بحكم إلا حتى نجد فيه نصا لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة، فأي نص يوجد على تنجيس البول والعذرة والدم والميتة وغير ذلك؟ وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة.
(ج ج ج) أدلة الجمهور
استدل الجمهور على نجاسة الخمر يما يلي:-
1 - قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ}
واعترض عليه: بأن الرجس هنا معنوي وليس حسي ,لأن الخمر قرنت بالميسر والأنصاب والأزلام. والإجماع منعقد على طهارة هذه الأشياء.
وأجاب الجمهور على ذلك فقالوا: أن قرن الميسر والأنصاب والأزلام بالخمر إلا أن هذه الثلاثة خرجت بالإجماع , فبقيت الخمر على مقتضى الكلام.
قال الشنقيطي رحمه الله: وأجيب من جهة الجمهور بأن قوله {رِجسٌ} يقتضي نجاسة العين في الكل، فما أخْرجه إجماع، أو نصّ خرج بذلك، وما لم يخْرجه نصّ ولا إجماع لزم الحكم بنجاسته، لأن خروج بعض ما تناوله العام بمخصّص من المخصصات، لا يسقط الاحتجاج به في الباقي، كما هو مقرر في الأصول، وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود: وهو حجّة لدى الأكثر إن ... مخصّص له معيناً يبِن.
وعلى هذا، فالمسكر الذي عمت البلوى اليوم بالتطيُّب به المعروف في اللِّسان الدارج بالكولانيا نجس لا تجوز الصلاة به، ويؤيده أن قوله تعالى في المسكر {فاجتنبوه} يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المُسكر، وما معه في الآية بوجه من الوجوه، كما قاله القرطبي وغيره.
واستدل الجمهور على نجاسة الخمر أيضا بـ:-
2 - قول الله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان: 21]
ووجه الدلالة: أن مفهوم المخالفة يدل على أن شراب الدنيا غير طهور.
3 - استدلوا أيضا بالحديث الذي أخرجه أبو داود رحمه الله في سننه من حديث أبي ثَعْلَبَةَ الخشني أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ في قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ في آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (((إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فارخصوها بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا)))
واعترض القائلون بطهارة الخمر أيضا فقال بعضهم:-
إن كانت الخمر نجسة فكيف تطهر إذا تخللت عند مالك ومن قال بقوله: إن المنجوسات لا يطهرها من النجاسات إلا الماء الطاهر؟!
وأجاب ابن رشد في مقدماته فقال:
قيل له: الفرق بينه أن النجاسات أعيان قائمة بأنفسها لا يستقل بقاؤها , فإذا خالطت الأجسام الطاهرة لم تنفصل عنها عند مالك إلا بالماء , لقول الله عز وجل الفرقان (48)
وطهورا من أبنية التكثير , فوجب أن يختص الماء بالتطهير دون ما سواه من المائعات , وأما صفات الخمر فليست بأعيان قائمة بأنفسها , لأن الله خلقها خلقا لا يبقى فلا تتصف بطهارة ولا نجاسة , ومحلها يتصف بالنجاسة بها من جهة الشرع , فإذا زالت عنه لم تتصف بالنجاسة , ولا حكم له بحكمها, وحكم له بحكم ما استقل إليه من المائعات الطاهرة , وبالله التوفيق
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[28 - 05 - 09, 01:39 م]ـ
ينبغي تعديل صيغة السؤال إلى: من الذي قال بأن نجاسة الخمر ليست عينية؟
لأن هؤلأ محصورون في عدد معين لا يتجاوز أصابع اليدين أما من قال بنجاستها العينية فلا يمكن حصرهم، ومن هذا المنطلق ينبغي عند النقاش اعتبار قدر هؤلأ الأئمة وأنهم ليسوا بالسذاجة والبساطة في الفهم والتي يحاول بعض المعاصرين أن يصورهم عند نقاشه لهذه المسألة فيأتي بما يظنه أدلة دامغة وقد لا يكون السابقون الذين لم يقولوا بنجاسة الخمر العينية ذكروها لضعفها وسقوطها لا لأنهم جهلوها، فيظن من يذكرها بأنه أتى بما لم تستطعه الأوائلز
ثم مما ينبغي على طالب العلم إذا وجد مسألة حكى بعض العلماء الإجماع عليها، ووصف بعضهم المخالف لها بالشذوذ، ولم يقل بعكسها إلا الأفراد على مدار التاريخ ومعظمهم من المتأخرين ينبغي أن تعظم هذه المسألة عند طالب العلم فلا يتكلم بأي كلام يخطر على باله ويخرجه من طرف لسانه دون التبين والرجوع للكتب ومعرفة هل ما يقوله حجة أم لا؟
الكلام في الدين ليس مجرد جدال بل هو قول على الله فإن كان بعلم فصاحبه موفق وإن كان بغير علم فمعروف ما قاله الله فيمن يقول عليه أقوالا بغير علم.
ثم إن النزاع في المسألة لن ينتهي فليست المشكلة أن ترجع لقولي أو أرجع لقولك ولكن ينبغي أن يكون رائدنا جميعا هو معرفة الحق وقبوله ممن قاله دون اتهام أو تعريض ولا بأس بمناقشة المسألة للتفقه ومعرفة وجه الأدلة وكيفية الاستدلال وما يصح أن يكون دليلا وما لا يصح.
هذه خواطر لأحبابي أحببت المشاركة بها في الموضوع دون التعرض لأصل المسألة وما وسع سلفنا يسعنا ومن لم يسعه ما وسع السلف وضيق على عباد الله فلا وسع الله عليه، والله الموفق.