تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - قال المخالف للجمهور: ((سؤال حمزة إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر؛ ولا يلزم من سرد الصيام صوم الدهر، فقد قال أسامة بن زيد: أن النبي e كان يسرد الصوم فيقال لا يفطر، أخرجه أحمد، ومن المعلوم أن النبي e لم يكن يصوم الدهر فلا يلزم من ذكر السرد صيام الدهر)).

2 - وتعقبوا استدلالهم بحديث أبي أيوب الأنصاري ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)): بأن التشبيه في الأمر المقدر لا يقتضى جوازه فضلاً عن استحبابه وإنما المراد حصول الثواب على تقدير مشروعية صيام ثلاثمائة وستين يوماً، ومن المعلوم أن المكلف لا يجوز له صيام جميع السنة فلا يدل التشبيه على أفضلية المشبه به من كل وجه)) اهـ من (فتح الباري) [4/ 222].

3 - وأجاب الجمهور عن حديث: ((لا صام من صام الدهر)) بأنه محمول على من صام الدهر كله بما فيه أيام العيدين والتشريق؛ قال النووي: ((وأجابوا عن حديث «لا صيام من صام الأبد» بأجوبة أحدها جواب عائشة الذي ذكره المصنف وتابعها عليه خلائق من العلماء أن المراد من صام الدهر حقيقة بأن يصوم معه العيد والتشريق، وهذا منهي عنه بالإجماع والثاني أنه محمول على أن معناه إنه لا يجد من مشقته ما يجد غيره لأنه يألفه ويسهل عليه فيكون خبراً لا دعاء، ومعناه لا صام صوماً يلحقه فيه مشقة كبيرة، ولا أفطر بل هو صائم له ثواب الصائمين والثالث أنه محمول على من تضرر بصوم الدهر أو فوت به حقاً، ويؤيده أنه في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص كان النهي خطاباً له، وقد ثبت عنه في «الصحيح» أنه عجز في آخر عمره وندم على كونه لم يقبل الرخصة، وكان يقول يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمرو بن العاص لعلمه بأنه يضعف عن ذلك، وأقر حمزة ابن عمرو لعلمه بقدرته على ذلك بلا ضرر فرع في تسمية بعض الأعلام من السلف والخلف ممن صام أيام النهي الخمسة العيدين والتشريق فمنهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو طلحة)) اهـ (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) [6/ 417].

4 - وتُعقب: بأنه تأويل مردود بنهيه صلى الله عليه وسلم لابن عمرو عن صوم الدهر وتعليله بأن لنفسه عليه حقاً، ولأهله حقاً، ولضيفه حقاً، ولقوله: ((أما أنا فأصوم وأفطر، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) اهـ (سبل السلام) [2/ 173].

5 - وردّوا الآثار عن الصحابة ومن تبعهم: قالوا بعدم حجيتها مع مخالفتها للأحاديث المرفوعة، وأنها متعارضة.

6 - وقالوا عن حديث أبي موسى المقدم ذكره –الذي هو العمدة في التحريم -: ((بأن معناه ضيقت عليه فلا يدخلها، فعلى هذا تكون على بمعنى عن أي ضيقت عنه، وهذا التأويل حكاه الأثرم عن مسدد، وحكى ردَّه عن أحمد، وقال ابن خزيمة: سألت المزني عن هذا الحديث فقال: يشبه أن يكون معناه ضيقت عنه فلا يدخلها، ولا يشبه أن يكون على ظاهره لأن من ازداد لله عملاً وطاعة؛ ازداد عند الله رفعة، وعلتْهُ كرامة، ورجح هذا التأويل جماعة منهم الغزالي فقالوا: له مناسبة من جهة أن الصائم لما ضيق على نفسه مسالك الشهوات بالصوم ضيق الله عليه النار فلا يبقى له فيها مكان، لأنه ضيق طرقها بالعبادة؛ وتعقب: بأنه ليس كل عمل صالح إذا ازداد العبد منه ازداد من الله تقرباً بل رب عمل صالح إذا ازداد منه ازداد بعداً كالصلاة في الأوقات المكروهة، والأولى أجراء الحديث على ظاهره وحمله على من فوت حقاً واجباً بذلك، فإنه يتوجه إليه الوعيد)) اهـ (الفتح) [4/ 222].

7 - وردَّ ابنُ حزم رحمه الله فقال: ((من نوادرهم قولهم معناه ضيقت عليه جهنم حتى لا يدخلها.

قال علي - ابن حزم -: وهذه لكْنة وكذب، أما اللكنة: فإنه لو أراد هذا لقال ضيقت عنه؛ ولم يقل عليه، وأما الكذب: فإنما أورده رواته كلهم على التشديد والنهي عن صومه فكيف ورواية شعبة المذكورة إنما هي ضيق الله عليه فقط)) اهـ (المحلى) [7/ 16].

8 - قلت: الراجح في حديث أبي موسى الوقف، فقد أخرجه ابن حبان في (صحيحه) [8/ 3584، إحسان]، وابن خزيمة في صحيحه [3/ 2155] وقال عقبه: ((لم يسند هذا الخبر عن قتادة غير ابن أبي عدي عن سعيد)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير