تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: فهذا حفص بن غياث ثقة فقيه، وهو يروي عن كل أحد، وليس ذلك بقادح فيه، وقد استدل يحيى بن سعيد القطان بتركه الرواية عن بكير بن عامر البجلي على شدة ضعفه.

وقال الإمام شمس الدين الذهبي -رحمه الله- في ميزان الاعتدال في نقد الرجال (145/ 3) في ترجمة يزيد بن الهاد: "من ثقات التابعين وعلمائهم، لم أذكره إلا لأن أبا عبد الله بن الحذاء أورده في باب من ذكر بجرح من رجال الموطأ، فلم يأت بشيء أكثر من قول ابن معين: (يروي عن كل أحد)، وما هذا بجرح؛ فإن الثوري كذلك يفعل، وهو حجة ".

والذي يظهر لي أن الإمام أبا حاتم -رحمه الله- لم يذكر كثرة رواية مروان الفزاري عن الشيوخ المجهولين بقصد القدح فيه، إذ إنه حكم له في مبدأ كلامه بأنه صدوق، وهذا عندهم ضرب من التوثيق.

(انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص: 238).

فإن قيل: لماذا ذكر ذلك؟

الجواب:

ذكر ذلك ليتنبه لشيوخه، وأنهم مظنة للجهالة.

وقد وافقه على ذلك الإمام الذهبي -رحمه الله- حيث قال عن الفزاري في ميزان الاعتدال (93/ 4): " ثقة عالم صاحب حديث، لكن يروي عمن دب ودرج، فيستأنى في شيوخه ".

((فائدة)):

تقدم الجواب عن تضعيف الإمام ابن المديني -رحمه الله- للفزاري بسبب روايته عن المجهولين، لكن يناقش هنا من جهة أن تبعيض التوثيق على الوجه الذي ذكره لا يصح، ووجه ذلك: أنه لا يرجع إلى تغير الحال بالنسبة للعدالة والضبط، وكل تبعيض لا يقع على هذا الوجه فهو باطل، إذ هو قدح في غير محل القدح!، فإن قيل: إنما ضعفت روايته عن المجهولين لتضمنها الجهالة، فالجواب: أن الحمل بناء على هذا التقرير إنما يكون على المجهول، وابن المديني -رحمه الله- أضاف الضعف إليه!.

((فائدة)):

نقل كاتب الرسالة عن الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-أنه قال عن الفزاري بأنه مدلس تدليس شيوخ (انظر: التقريب: ص932)، فهل هذا يعتبر قادحا فيه أم لا؟.

الجواب:

أولاً: الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في إضافته تدليس الشيوخ إلى مروان الفزاري اعتمد على كلامٍ للإمام ابن معين - رحمه الله -، فقد جاء في تهذيب التهذيب (53/ 4): " قال الدوري: سألت يحيى بن معين عن حديث مروان بن معاوية عن علي بن أبي الوليد، قال: هذا علي بن غراب، والله ما رأيت أحيل للتدليس منه".

ثانياً: أن ثبوت هذا الوصف للراوي لا يقتضي رد روايته، إذ القاعدة في الأصول: [أن التدليس بالتسمية غير المشهورة (تدليس الشيوخ) ليس قادحا في عدالة الراوي]، ومأخذ هذه القاعدة: أنه أخف شأناً من إغفال ذكره، فإذا لم يقتضِ إغفالُ الذكر القدحَ، فهذا الوجه من باب أولى، ويستثنى من ذلك: ما إذا كان بقصد إخفاء ضعفه، أو تكثراً لمعنى دنيوي، أو طلب منه الفسر ولم يفسر، أما الأول فلأنه غش وخيانة، وأما الثاني فلأنه تلبس بما لم يعط وقد جاء الشرع بتحريم ذلك، وإنما قيدته بالدنيوي؛ لأن بعضهم يعمد إليه ليكثر الآخذون عنه، وهذا ضرب من التأويل المانع من التفسيق، وأما الثالث فلأنه كاتم للعلم بعد السؤال عنه.

انظر: [كشف الأسرار (71/ 3)، تحفة المسؤول (383/ 2)، البدر الطالع (108/ 2)، شرح الكوكب (444/ 2)].

.............................. .............................. .....................

الرابع: أن هذا الحديث منكر ((نكارة المتن) ووجه ذلك: أنه مخالف لما هو ثابت في الباب، فقد جاء في الصحيحين من حديث محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، فلم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سأفعل إن شاء الله" قال عتبان: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: "أين تحب أن أصلي من بيتك" قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر .... الحديثَ.

ومما يدل على نكارته أيضا مخالفته لقوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}.

وأجيب عنه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير