تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبناء على ما سبق فيقلب الدليل على الخصم، فيقال له:

حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه دليل على وجوب صلاة الجماعة، بل هو نص في ذلك، ومأخذ الوجوب من قوله: " ما أجد لك عذرا "، ونفي العذر يقتضي الإلزام، والقاعدة في الأصول: [أن الإلزام يدل على الوجوب]، ومأخذ القاعدة: أن هذه حقيقته.

ووجه كونه نصا: أن نفي العذر لا يحتمل غير الوجوب، وهذه حقيقة النص عند الأصوليين.

انظر: [البدر الطالع للجلال المحلي (183/ 1)].

وبناء على ذلك فلا يجوز حمله على الندب مطلقا، ووجه ذلك: أن القاعدة في الأصول: [لا يجوز تأويل النص]، ومأخذ القاعدة:

أن التأويل: صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى المعنى المرجوح لدليل، والنص لا يحتمل إلا معنى واحدا.

انظر: [البرهان لإمام الحرمين الجويني (227/ 1)].

.............................. .............................. .........................

(2) - في الحديث دليل على أن الجماعة شرط لصحة الصلاة المكتوبة في حق غير المعذور ((حكمٌ وضعي))، وبهذا قال الإمام أحمد –رحمه الله- في رواية، اختارها طائفة من الحنابلة كـ: ابن عقيل، وابن أبي موسى، وهو مذهب الظاهرية، وانتصر له الإمام ابن تيمية –رحمه الله تعالى-.

انظر: [الإنصاف للمرداوي (2/ 210)، المحلى لابن حزم (4/ 188)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (24/ 101)]

ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: "فأجب"، فهذا أمر، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر المطلق للوجوب]، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر بالشيء نهي عن ضده]، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق يقتضي الفساد]، وإنما قيدت الحكم في أصل المسألة بغير المعذور لأن الأمر بإجابة النداء متعلق به دون غيره.

ومأخذ قاعدة اقتضاء النهي الفساد: الخبر المخرج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "، أي: مردود غير مقبول، وهذه حقيقة الفساد.

انظر: [الفصول للجصاص (2/ 171)، إحكام الفصول للباجي (1/ 377)، التبصرة للشيرازي (ص: 100)، روضة الناظر لابن قدامة (2/ 655)].

وقد يجاب عنه بجوابين:

((الجواب الأول)):

أن النهي هنا ليس نهيا صريحا (نهي التزامي)، والقاعدة في الأصول: [أن النهي الالتزامي لا يقتضي الفساد].

((فائدة)):

المراد بالنهي الالتزامي -هنا- النهي المستفاد من قاعدة: (الأمر بالشيء نهي عن ضده)، فالتحقيق أن دلالة الأمر على النهي عن ضده من باب الدلالة العقلية: (دلالة الالتزام)، إذ لا يمكن عقلا فعل المأمور به إلا بترك الضد.

ونوقش هذا الجواب:

بأن القاعدة في الأصول –على الصحيح-: [أن النهي الالتزامي يقتضي الفساد]، ومأخذ هذه القاعدة: عموم حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين مرفوعا: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "، بل إن هذا الفرد من أفراد النهي يدخل في العموم دخولا أولويا، وذلك من جهة أنه اسم الأمر في الحديث يصدق عليه مطابقة. ولبعضهم في تثبيت هذه القاعدة: أن النهي الالتزامي في معنى الصريح فوجب أن يتفقا في إفادة الفساد.

انظر: [شرح الإلمام للإمام ابن دقيق العيد -رحمه الله- (4/ 463)].

((فائدة)):

الصحيح من أقوال أهل العلم أن المراد بالأمر في حديث عائشة -رضي الله عنها- طلب الفعل، ومأخذ ذلك: أن هذا هو الأصل في الاستعمال عند العرب، وحمله على الشأن من باب المجاز، والقاعدة في الأصول: [أنه يجب حمل الألفاظ على الحقيقة، ولا يجوز حملها على المجاز إلا بدليل]، ولا دليل!.

((الجواب الثاني)):

أن النهي الالتزامي المستفاد من الأمر بإجابة النداء ليس مطلقا، إذ قد قام الدليل على عدم اقتضائه للفساد، وهو حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- المخرج في الصحيحين وغيرهما، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "، ووجه دلالته على عدم الفساد: أنه قد تضمن إثبات الفضل في صلاة عموم المنفردين سواء كانوا معذورين أم غير معذورين، ووجه العموم: من قوله:" الفذ "، فهو مفرد محلى بـ أل الاستغراقية، والقاعدة في الأصول: [أن المفرد المحلى بـ أل الاستغراقية يفيد العموم]، فيشمل كل فذ أي: منفرد ولو كان غير معذور، والقاعدة في الأصول: [أن إثبات الفضل فرع الصحة].

ونوقش هذا الجواب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير