تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- منها: ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل فقال لها: «من هذا يا عائشة؟» قالت: هذا أخي من الرضاعة، فقال صلى الله عليه وسلم: «انظرن من إخوانكن؛ فإنما الرضاعة من المجاعة» ووجه الاستدلال به من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما» والقاعدة في الأصول -في مبحث معاني الحروف-: [أن «إنما» تفيد الحصر] (إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه) وهي قائمة مقامَ النفي مع الإثبات، أي: لا رضاعة إلا في المجاعة. فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الرضاعة»، "إن" حرف توكيد، و"ما" كافة، و"الرضاعة" مبتدأ، والألف واللام فيها للاستغراق، و "من المجاعة" جار ومجرور متعلق بخبر محذوف تقديره: معتبرةٌ، والمجاعة: الحاجة، وهي إنما تكون في زمن الصغر، وإنما تعين تقدير الاعتبار لتعذر الكَوْنِ، فمن المعلوم بالواقع وجود الرضاعة في غير الحاجة. وتقرير الاستدلال من جهة المعنى: أن قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الرضاعة من المجاعة» قائم مقام النفي مع الإثبات، والتقدير: لا رضاعة إلا من المجاعة، والقاعدة في الأصول: [أن النفي إذا سلط على حقيقة تعين حمله على نفي وجودها، فإذا تعذر فالصحةُ؛ إذْ هي أقرب المجازات] (أي: أقرب للوجود من مجاز الكمال؛ إذ لا يترتب على حمله على الصحة حكمٌ) وبعبارة أخرى: القاعدة في الأصول: [إذا سلط النفي على حقيقة حُمِلَ على نفي معناها الشرعي] ومأخذ هذه القاعدة: أن الشرع محلُّ ورودها، فهو أولى بالاعتبار.

وهذا دليل سالم من المعارضة، فيتعين المصير إليه.

- ومنها: ما أخرجه الترمذي في السنن من حديث أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام» ووجه الاستدلال منه: من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحرم من الرضاعة إلا ... »، فهذا نص صريح على عدم ثبوت التحريم برضاع الكبير، لحصول الفطام في حقه، وعدمِ تحقق فتق الأمعاء، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالنص ولا يجوز العدول عنه].

(ونوقش): بأن هذا الحديث ليس بثابت، فاطمةُ بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة رضي الله عنها، وهذا انقطاع، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده].

وهذا متجه إن كان مستند القائلين بالانقطاع العلمَ، لا عدمُه.

- ومنها: ما أخرجه أبو داودَ في السنن من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأَنْشَزَ العظم» ووجه الاستدلال منه من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحرم من الرضاع إلا .. » فهذا نص صريح على عدم ثبوت التحريم برضاع الكبير وذلك لعدم تحقق إنبات اللحم وإنشاز العظم في رضاعه، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالنص ولا يجوز العدول عنه].

(ونوقش): بأن هذا الحديث ليس بثابت، لأنه من رواية أبي موسى الهلالي عن أبيه، وهو وأبوه مجهولان، والقاعدة في الأصول: [أن جهالة الراوي تقتضي رد خبره].

- ومنها: ما أخرجه الدارقطني في السنن من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعا: «لا رضاعة إلا ما كان في الحولين» ووجه الاستدلال منه: من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا رضاعة إلا .. » فهذا نفي مسلط على حقيقة، والقاعدة في الأصول: [إذا سلط النفي على حقيقة حمل على نفي معناها الشرعي] وقد تقدم. ومن المعلوم أن الكبير قد جاوز الحولين!!.

(ونوقش): بأن هذا الحديث ليس بثابت، في إسناده الهيثم بن جميل؛ متكلم فيه من جهة حفظه، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره].

وردت المناقشة: بأن الهيثم بن جميل ثقةٌ حافظٌ، قاله الدارقطني رحمه الله، وقَدْحُ ابن عدي فيه من جهة حفظه إنما هو اعتمادٌ منه على تفرده برفع هذا الخبر، و هذا ليس بشيء، إذ القاعدةُ في الأصول: [أن زيادة الثقة مقبولة] وبعبارة أخرى: القاعدة في الأصول: [أن زيادة الثقة لا تقدح في ضبطه]، ولا يَرِدُ على هذا أن القاعدة في الأصول: [أن الجرح المفسر مقدمٌ على التعديل عند التعارض]؛ إذ المراد بذلك: التفسير بما يصلح أن يكون قادحا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير