تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال في موضع آخر 34/ 60 (وهذا الحديث- حديث سالم مولى أبي حذيفة- أخذت به عائشة وأبى غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأخذن به، مع أن عائشة روت عن الرسول (الرضاعة من المجاعة) لكنها رأت الفرق بين أن يقصد رضاعة أو تغذية فمتى كان المقصود الثاني لم يحرم إلا ما كان قبل الفطام، وهذا هو إرضاع عامة الناس. وأما الأول فيجوز إن احتيج إلى جعله ذا محرم فقد يجوز للحاجة ما لا يجوز لغيرها وهذا قول متجه) ا. هـ

فالنصان الأول والثاني لابن تيميه ليس فيهما اختيار أو ترجيح لأحد القولين، وإنما في النص الأول جملة (وهو بعض قول عائشة) بأن أم المؤمنين رضي الله عنها ربما كان لها رأي آخر في رضاعة الكبير يوافق الجمهور.

وفي النص الثاني التعليل والتوجيه لقول جماهير العلماء الذي دل عليه الكتاب والسنة وذكر إجابتهم عن حديث سالم مولى أبي حذيفة بأنه خاص عندهم من أجل أنه كان متبنى قبل تحريم التبني، فكأن عنده ميل إلى قولهم لقوة تعليلهم لكنه لم يصرح بذلك!

أما النص الثالث: فقد وجه مذهب عائشة رضي الله عنها - خاصة ومال إليه حين قال (وهذا قول متجه).

وعادة العلماء أنهم إذا ساقوا الخلاف في المسألة ذكروا أدلة كل قول ثم قالوا (هذا قول متجه) أي متجه في النظر ولا يلزم أن يكون متجها بالعمل.

ومما يوضح هذا أن كثرة أسئلة السائلين والمستفتين له في مسائل رضاع الكبير خاصة لم يفت أحد منهم بقول عائشة، وإنما يكتفي بذكر الخلاف وتوجيه كل قول.

وأظهر دليل على هذا التوجيه لترجيح ابن تيميه أن تحريم إرضاع الكبير لا يعرف أنه وقع أو عمل به في جميع الأزمان من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ومن عنده غير ذلك فليسمهم ويذكرهم بأعيانهم مشكورا. والجواب عن فتوى ابن تيميه هذه هو جواب عن فتاوى من جاء قبله كداوود الظاهري، أو بعده فقلده كابن القيم الجوزية والصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان والألباني.

ثم على القول بالخصوصية يقال لك تلك الخصوصية خصوصية عين أو خصوصية وصف، فخصوصية العين تعني سالما مولى أبي حذيفة ولا تتعداه إلى غيره، وهذا ما يعبر عنه العلماء عادة بـ (قضية عين) فلا يقاس عليها.

أما خصوصية الوصف فهي متعدية إلى الغير، وإذا طبقنا خصوصية الوصف هذه على قضية سالم تعذر في الواقع وجوده لأمور:

- أن سالما كان رقيقا أعتقته امرأة من الأنصار فتبناه أبو حذيفة قبل التحريم، فكان يعدونه ابنا لهم، يدخل ويخرج كالمعتاد عليهم، ولما حرم الله التبني بقوله: (ادعوهم لأبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فإخوانهم في الدين ومواليكم .. ) صار سالم مولى عند أبي حذيفة إلى أن كبر.

- ولم يقع الرضاع للتغذية، وإنما وقع من أجل دفع الحاجة الحرج عند أبي حذيفة وزوجه، وحتى على هذا الاحتمال (وهو القول بخصوصية الوصف) فالحكم غير صحيح إلا إذا وجدنا حالا تشبه حال سالم من كل الوجوه 1 - طفل2 - رقيق. 3 - اعتق 4 - ثم تبنى 5 - ثم صار مولى6 - ثم كبر 7 - وكان يدخل على أهل البيت منذ صغره لحاجتهم حتى نبتت لحيته؛ فهذه أوصاف سبعة لا تجتمع بغير سالم بعينه ولكن لو توفرت كلها بشخص آخر كما توفرت بسالم لقلنا حينئذ بجواز رضاع الكبير، وعلى هذا يخرَّج كلام شيخ الإسلام ابن تيمية (ورضاع الكبير تنشر به الحرمة، بحيث لا يحتشمون منه للحاجة؛لقصة سالم مولى أبي حذيفة).

والله أعلم

وصلى الله على نبينا محمد

الإسلام اليوم

ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[19 - 06 - 10, 11:24 ص]ـ

قوله: (والرضاع الذي يحرم ما كان قبل الفطام):

ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إنما الرضاعة من المجاعة وقال: لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم أنبت اللحم، أي: نبت لحم الطفل، وأنشز العظم، أي: كبر العظم، فيخرج رضاع الكبير، فإنه لا يحرم؛ وذلك لأن الله تعالى حدد الرضاعة بحولين: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة 233 فبعد الحولين لا يكون هناك رضاعة؛ لأن الطفل يتغذى بالأكل غالبا ولا يستفيد من الرضاعة إلا القليل، فعلى هذا الأصل لا يحرم إلا إذا كان صغيرًا، وهذا هو قول الجمهور.

وقد روي عن عائشة أنها تجوز إرضاع الكبير، فكانت إذا أرادت أن يدخل عليها بعض التلاميذ أمرت أختها أو بنت أختها أن ترضعه، حتى تكون خالة له، وأنكر عليها ذلك بقية أمهات المؤمنين ودليلها قصة سالم مولى أبي حذيفة، وذلك لأن سالما لما كبر عند أبي حذيفة مولاه قالت امرأته سهلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- إن سالمًا لا نعده إلا ابنا وإنه قد بلغ مبلغ الرجال، وإني أرى أن أبا حذيفة يكره دخوله، فقال صلى الله عليه وسلم: أرضعيه خمس رضعات تحرمين عليه مع أنه رجل كبير، ولكن أمهات المؤمنين يقلن أن هذا خاص بامرأة أبي حذيفة.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه إذا كانت امرأة مضطرة إلى دخول رجل عليها ضرورة شديدة، ولا تجد رخصة، ولا تجد بدًّا من ذلك، فإن لها أن ترضعه، أو تأمر أختها بإرضاعه، فتكون محرمًا له، فيرى أن هذا للضرورة كالتي لامرأة أبي حذيفة.

فأما الجمهور فيرون أن رضاع الكبير لا يحرم، ويستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحرم من الرضاعة إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم وقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الرضاعة من المجاعة فالرضاعة التي ينبت بها لحم الطفل ويكبر عظمه وتكون قبل الفطام هي التي تحرم، وهذا هو الصحيح.

انظر: إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني) كتاب النكاح باب: المحرمات في النكاح.

الرابط على الموقع: http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=3&book=52&toc=2950&page=2713&subid=10969

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير