تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليه أولاً لا سبيل إلى علمه , ولا حجَّة عليه؛ وإذا صار اللفظة بلسان قوم تدل على شيئين أو أكثر , فلابد أن يكون معها من كلام المتكلم أو أنبائه ما يبين ما أريد بها؛ وإذا كان تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز باطلاً محدثاً , فتقسيم الحقيقة إلى مفردة ومشتركة باطلٌ مثله؛ ونقل الزركشي في ((البحر المحيط)) عن أبي العباس ثعلب , وأبي زيد البلخيِّ , والأبهري أنَّهم أنكروا الألفاظ المشتركة , قال: ومنعه قوم في القرآن خاصَّة , ونسب لابن داود الظاهري , ومنعه آخرون في الحديث () اهـ

وكل من أنكر تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز , فلا ريب ينكر تقسيم الحقيقة إلى مفردة ومشتركة؛ إذ لا حقيقة ولا مجاز.

....................

2 - الرد على قول أبي الحسين البصري المعتزلي في جواز وضع المشترك

وقال أبو الحسين البصري: ودليل جواز ذلك –يعني المشترك أنه لا يمتنع أن تضع قبيلة اسم ((القرء)) للحيض؛ وتضعه أخرى للطهر؛ ويشيع ذلك ويخفى كون الاسم موضوعاً لهماً من جهة قبليتين , فيفهم من إطلاقه الحيضُ والطهر على البدل؛ وأيضاً فإن المواضعة تابعة للأغراض؛ وقد يكون للإنسان غرض في تعريف غيره شيئاً مفصلاً؛ وقد يكون غرضه بأن يعرفه مجملاً , مثال الأول: أن يشاهد زيد سواداً , ويريد أن يعرِّف عمراً أنه شاهد سواداً , ومثال الثاني أنه يريد تعريفه أنه شاهد لوناً ولا يفصِّله له؛ فجاز أن يضعوا اسماً يطابق كل واحد من الغرضين () اهـ , وقال الرازي: في سبب وقوع الاشتراك , السبب الأكثري وهو أن تضع كل واحدة من القبلتين تلك اللفظة لمسمى آخر , ثم يشتهر الوضعان , فيحصل الاشتراك , والأقلي , هو أن يضعه واضع واحدٌ لمعنيين , ليكون المتكلم متمكناً من التكلم بالمجمل , وقد سبق في الفصل السابق أن التكلم بالكلام المجمل من مقاصد العقلاء ومصالحهم () أهـ

وهو نفس كلام أبي الحسين البصري سماه الرازي سبباً أكثرياً؛ وسبباً أقلياً , ولم يزد عليه شيئاً؛ وقوله: ولا يمتنع أن تضع قبيلةٌ اسم القرء للحيض , وتضعه أخرى للطهر ثم يشيع.

وذلك كله ظنٌّ باطل لا حجة له؛ ولفظ قرء اختلف فيه , قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه ((معاني القرآن وإعرابه)): أخبرني من أثق يرفعه إلى يونس بن حبيب أن الأقراء عنده يصلح للحيض والطهر , ويقال: هذا قارئ الرياح لوقت هبوبها () اهـ ,وقال الأزهري في تهذيب اللغة: أخبرنا عبد الملك , عن الربيع , عن الشافعي , أن القرء اسم للوقت , فلما كان الحيض يجيء لوقت , والطهر يجيء لوقت جاز أن يكون الأقراء حيضاً وأطهاراً () اهـ , وذكر في الرسالة قريباً من ذلك () اهـ, وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: والقرء , جعله بعضهم الحيضة , وقال بعضهم: الطهر , قال: وكل قد أصاب؛ لأنه خرج من شيء إلى شيء , فمن قال: هو الحيض , فخرجت من الطهر إلى الحيض , ومن قال: بل هو الطهر , فخرجت من الحيض إلى الطهر , وأظنه أنا من قولهم: قد أقرأت النجوم , إذا غابت () اهـ وقال أبو عبيد في ((غريب الحديث)): فأصل الأقراء إنما هو وقت الشيء إذا حضر () اهـ وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) قال أبو عبيد: الأقراء: الحيض والأقراء: الأظهار , وقد أقرأت المرأة في الأمرين جميعاً ,وأصله من دنوِّ وقت الشيء () اهـ , وقال ابن دريد في ((الجمهرة)): وأقرأت المرأة إقراءً فهي مقرئٌ , واختلفوا في ذلك فقال: قوم: هو الطهر , وقال قوم: هو الحيض , وكل مصيب؛ لأن الأقراء هو الجمع , والانتقال من حال إلى حال فكأنه انتقال من حيض إلى طهر , وهو الأصح والأكثر , ويجوز أن يكون انتقالاً من طهر إلى حيض () اهـ , وأخذه أكثر من كلام أبي عبيدة؛ فلفظ قرء ليس يدل على شيئين الحيض والطهر ولكنه مختلف فيما يدل عليه. وكثير من الألفاظ التي زعموا أنها مشتركة هي كذلك ألفاظٌ اختلف فيما تدل عليه , وليست ألفاظاً تدل على أشياء مختلفة؛ والناس يحتاجون في كلامهم إلى التفصيل والإجمال , والبيان والإبهام؛ وليست الألفاظ من وضع واضع من الناس , وقول الرازي: أكثري وأقليٌّ هو من كلام المولِّدين وألفاظهم , وليس بلسان العرب؛ وخيرٌ للمتفقهين أن يتشبهوا بلسان العرب الذي نزل القرآن به , ولا يتشبهوا بلسان الرَّازي وغيره من العجم المولدين. .

ـ[محمد براء]ــــــــ[18 - 12 - 08, 09:56 م]ـ

شيخ الإسلام يثبت الاشتراك ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير