[مناظرة مع من ينكر حجية حديث الآحاد]
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[27 - 04 - 08, 07:32 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وآله وصحبه الغر الميامين أما بعد فهذه مناظرة بين واحد من أهل السنة ومتكلم منكر للآحاد، أضعها لمن كان في نفسه شبهة مما استقر عليه منهج أهل السنة والحديث من قبول خبر الواحد والعمل به في العقائد والأحكام وغيرها. والله الموفق المستعان.
قال زيد: دعني أبادئك بعد الثناء على الله بهذه: لو جاءك من تثق به وبعدالته وصدقه، وأخبرك بأنه قد أخبره من يثق هو به وبعدله وصدقه، أن فلانا أخبره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا .. أترى أن ذلك يوجب عليك القبول والعمل أم لا؟
قال عمرو: لا، لا يوجب.
قال زيد: اذا ما حجتك وما اعتراضك العقلي؟
قال عمرو: ربما وقع الخطأ والسهو وكذا وكذا، ولذلك فأنا لن أقبله حتى أجد من يتابعه عليه، ويكون المتابعون من طرق شتى ويكونون كثرة في ذلك بما يمتنع معه احتمال الخطأ أو الوهم أو الكذب! فان توفر ذلك فهو العلم عندي والا فهو ظن، والظن عندي لا يوجب العمل، والا كنا من تابعي الظن الذين ذمهم الله!
قال زيد: فهل أنت تنسب الصحابة الذين كان الواحد منهم يقبل قول الآخر "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا" ويعملون به، هل تنسب هؤلاء الى اتباع الظن الذي ذمه الله؟؟ وهل تنسب غيرهم ممن تواتر الخبر عن قبولهم لخبر الواحد الثقة عندهم الى اتباع الظن المذموم؟ بل ألا ترى أنك تصلي صلاتك التي تصليها على تلك الصفة التي امر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعه فيها والأخذ فيها عنه، لا تصليها الا عملا بحديثين لم يتحقق فيهما حد التواتر؟؟ فان نسبت الى وائل بن حجر احتمال الوهم والخطأ، فبأي نص ستأخذ اذا ما وقفت بين يدي الله لتصلي؟؟
قال عمرو: أنا لم أنسب الى الصحابة اتباع الظن الباطل، معاذ الله! ولكن هؤلاء متقدمون، كانوا أقرب عهدا برسول الله ولم يفصلهم عنه اختلاف أمصار وأعصار كما هو الحال عندنا، فالحديث فيهم نقل سامع نقلا مباشرا! وهذا ليس فيه مظنة وهم أو خطأ أما تتباع طبقات الأسانيد فييها ما فيها من مطنات الخطأ!
قال زيد: فلهذا يا أخي قيض الله أهل الحديث، لتمحيص الأسانيد والرجال ومعرفة من يقبل خبره ممن يرد! وعلمهم وقواعدهم محكمة متينة لا تخفى متانتها على ذي بصر! فهل كلامك في تعذر معرفة الصادق من غير الصادق، والضابط المتقن من غير ذلك؟ فان كان الأمر كذلك فلا حجة لك لأن أئمة تلك الصنعة قد تقررت أصولهم بما لا يدع مجالا لما تقول! ويبقى السؤال موجه اليك كما كان أول الأمر ولكن بزيادة: هل تقبل خبر العدل الضابط الثقة عن مثله الى منتهاه، وان كان واحدا، كما قبل الصحابة خبر الواحد الثقة؟
قال عمرو: أنا لم أقل برد خبر الآحاد مطلقا، وانما أقول، نتدرج في قبوله من عدمه بحسب عظم الخبر الذي فيه وأهميته! فان جاءنا رجل يقول لنا ان فلانا فعل كذا أو كذا مما ليس ذو بال عندنا، فقد لا يعنينا كثيرا أهذا الناقل ثقة ضابط أم لا لأن الخبر في نفسه ليس خبرا ذا ثقل! ولكن لو جاءنا الرجل يقول: ان جيشا يغير على بيتكم وهو في الطريق اليكم ففروا منه وانجوا بأنفسكم، فاننا لابد لنا من التحقق من أمره ومن صدقه! فهذا كلام خطير لا نقبله من غير من يوثق فيه وفي خبره ثقة تامة!
قال زيد: فما معنى الثقة "التامة"؟؟ أليست هي مقومات العدالة والصدق والأمانة التي بها يقبل أي خبر، دق أو عظم، كبر أو صغر؟ فان كنت قابلا الخبر في المسألة الأولى من هذا الرجل، فلو جاءك هو نفسه بالخبر الثاني، فكيف ترده؟ الضابط واحد، وهو خبر الثقة! أما كونك أنت تتساهل فيه فيما تراه بعقلك من صغائر الأمور ولا تتساهل فيه فيما تعده أنت من عظائمها فهذا تفريق باطل مردود! ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واحدا، يوم وقف على الجبل ونادى قومه وقال "أرأيتم ان أخبرتكم أن جيشا وراء هذا الجبل يغير عليكم أكنتم مصدقي؟ "؟ كان واحدا عليه السلام وقد ألزمهم في هذه الحادثة بخبر الواحد الثقة، وبكنهم لم يلتزموه لما نقل اليهم ما خالف هواهم، وأخبرهم أن الله قد بعثه فيهم رسولا! فبأي حجة فرقوا بين قبول الخبرين، الأول والثاني، وكلاهما أتاه ممن هو عدل ثقة عندهم يوثق فيما ينقل؟؟
¥