الفرق بين النكرة والْمطلق
ـ[النصري]ــــــــ[31 - 07 - 08, 03:46 ص]ـ
ـ الفرق بين النكرة والْمطلق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الْمطلق لغة: ضد الْمقيد.
أما اصطلاحاً فللعلماء مذهبان في تعريف المطلق:
الأول: مذهب مَنْ جعَلَه مرادفاً للنكرة، والْمطلق على هذا: ما دلَّ على شائع في جنسه، أو ما دلَّ على فردٍ ما منتشر في جنسه؛ لدلالته على فرد شائع منتشرٍ في جنسه، وقد قال بهذا الْمذهب جمعٌ مِن علماء الأصول، والفقه ([1])، والْجرجاني في التعريفات ([2])، ونسبه الشنقيطي في نثر الورود إلى النحويين عامة ([3]).
الثاني: مذهب مَنْ جعَلَه مخالفاً للنكرة، كمخالفة اسم الْجنس لَها، والْمطلق على هذا: ما دلَّ على الْماهية مِن غير قيدٍ، أو ما دلَّ على الْماهية من حيث هي هي، وخالَفَ الْمطلقُ النكرةَ على هذا الْحد؛ لعدم دلالته على الوحدة، وقال بهذا جمعٌ من علماء الأصول، والفقه، والتفسير ([4]).
ويرجع سبب الخلاف في تعريف الْمطلق إلى ثلاثة أسباب:
السبب الأول: اختلاف العلماء في نوع الْماهية ([5])، فمَنِ اشتَرَطَ في الحَدّ الْماهيةَ المخلوطة التي تدل على عارضٍ مِن عوارضها رَادَفَ بين النكرة والمطلق؛ لاعتباره الوحدة من عوارض الماهية.
ومَنِ اشتَرَطَ في الْحد الْماهيةَ الْمطلقة أو الْمجردة التي لا تدل على عارضٍ مِن عوارض الماهية خَالَفَ بين النكرة والمطلق؛ لانتفاء العوارضِ عن هذه الماهية، ومن تلك العوارض الوحدة.
السبب الثاني: اختلاف العلماء في نوع الْمطلق ([6])، فمَنِ اشتَرَطَ في الْحد الْمطلقَ الإضافي الذي تدل إضافته على قيد معنوي ـ رَادَفَ بين النكرة والمطلق؛ لأنَّه جعل القيد الْمعنوي الدلالة على الوحدة مع الشيوع.
ومن اشْتَرَطَ في الحد المطلقَ الحقيقي الذي يدل مدلوله على الإطلاق مِن كل وجهٍِ وقيْدٍ ـ خَالَفَ بين النكرة والمطلق؛ لانعدام الشبه المشترك بين النكرة والمطلق الحقيقي، وهو الدلالة على قيد من قيود الماهية.
السبب الثالث: أنّ مِن العلماء مَنْ جَعَل عمومَ الْمطلق عموماً شاملاً يشمل عموم البدل، وعموم الشمول، وهذا يُفهمُ مِما جاء في كتاب فواتح الرحموت: ((فالأوْلى أن يُرَادَ بالْمطلق ما لا يكون فيه قيد، وإن كان عاماً …)) ([7]).
ومِن ثَمَّ فالْخلاف بين العلماء مِن هذه الناحية راجعٌ إلى اختلاف نظرهم إلى نوع الْماهية، أو نوع الْمطلق، أو نوع العموم، وعليه فلا تعارُضَ بين الأقوال الثلاثة؛ لاختلاف مبدأ كلِّ منهم.
وعلى كُلٍ فالأسباب وإن اختلفت في تحديد الْمطلق وتوجيهه إلاَّ أَنَّ في جميع تعريفات الْمطلق وجهاً من الوجوه التي يترادف به مع النكرة.
فالْمطلق إِنْ كانَ دالاً على الوحدة شائعاً فهو مرادف للنكرة مطلقاً، وإن كان دالاً على الْماهية من حيث هي ـ فالنكرة بعضٌ من الْمطلق؛ لدلالة الماهية على الفرد وغيره ([8]) وإن كان الْمطلق دالاً على العموم مطلقاً بدلياً كان أو شمولياً فالنكرة ـ أيضاً ـ بعضٌ منه؛ لدلالة النكرة على عموم البدل.
وعلى القول بأَنَّ الْمطلق ما دل على الْماهية بلا قيد ـ فسيظهر خلافٌ بينه وبين النكرة معنىً ولفظاً في علم الأصول، فأمّا الْخلاف في الْمعنى فيظهر مِن ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: كون النكرة يعتبر فيها قيد الوحدة على مذهب أغلب العلماء بعكس المطلق إن عُرِّف بدلالته على الماهية من حيث هي هي ـ فإنه يَرِدُ فيه التعدد، والكثرة، وينشأ عن ذلك خلاف في بعض المسائل الفقهية، ومن ذلك قول ابن السبكي في رفع الحاجب: ((وعلى الفرق بينهما أسلوب المنطقيين والأصوليين والفقهاء، حيث اختلفوا فيمَن قال لامرأته: (إن كان حملك ذكراً فأنت طالقٌ)، فكان ذكرين، فقيل: لا تطلق نظراً للتنكير الْمشعر بالتوحيد، وقيل: تطلق حملاً على الْجنس.)) ([9])
فمَنْ نَظَرَ ـ في هذه الْمسألة ـ إلى دلالة النكرة على الوحدة قال: إنَّ الْمرأة لا تُطَلَّق، وغَضَّ الطّرْفَ عن دلالة الْمطلق.
ومَن نظر إلى دلالة الْمطلق على الْماهية قال: تُطَلَّق؛ لدلالة الْماهية على الفرد والأكثر.
¥