ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 02 - 10, 08:56 م]ـ
(إبراهيم الأبياري) أراد أن الصحابة استعملوا لفظ الأمر فيما هو مستحب بلا خلاف، ومن يفرق بين الأزمنة والأحوال فعليه الدليل.
بل الصحابي استعمل لفظ الأمر فيما كان واجباً عليه ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم به، ويحتاج للدليل على اقتصار الوجوب عليهم من سيقول بالاستحباب في غيرهم وليس هذا هو محل بحثنا، أما القول باستعمال الصحابي لفظة الأمر في الواجب عليهم فمعه دلالة لفظ الأمر التي لا يمكن الخروج عن دلالتها على الوجوب إلا بالمصادرة على المطلوب .. فلا يمتنع إيجاب الخف في بعض الموارد وعليه فلا يصلح الحديث لإثبات دلالة لفظة ما في العربية ..
حسنا .. ماذا تقول في هذا؟
«نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهن: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فى زيارتها تذكرة، ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا فى ظروف الأدم فاشربوا فى كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحى أن تأكلوها بعد ثلاث فكلوا واستمتعوا بها فى أسفاركم»
فقد وصف صلى الله عليه وسلم قوله (فاشبروا في كل وعاء) بأنه أمر، ولا نزاع في إباحته! وكذا الاستمتاع بلحوم الأضاحي في السفر.
وقد تركتُ زيارة القبور والأكلَ من الأضحية للخلاف في وجوبهما.
وهذا مثال حسن على الباب الآخر من الأبواب التي يقع في الفاظ السنة النبوية استعمال لفظ الأمر مع كون ما استعملت فيه مستحباً، وهو أن يكون لفظ الأمر هو من تغيير الرواة وفهمهم ويكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما استعمل صيغة افعل،فوضع الراوي مكانها لفظة أمر وبالتالي فلا تصلح حجة على أن العرب تستعمل لفظة أمر في المستحبات ..
وحجة هذا التغيير (وإن كان مجرد احتمال وقوعه يكفي لإبطال استعمال هذا الحديث في تعيين دلالة لفظ) = أن الحديث في جل الفاظه لم يرد بلفظ الأمر وإنما يرد هكذا: ((إِنِّى كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاَثٍ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلْتَزِدْكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِى بَعْدَ ثَلاَثٍ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الأَشْرِبَةِ فِى الأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِى أَىِّ وِعَاءٍ شِئْتُمْ وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا)).وإنما تفرد بوضع لفظ الأمر هاهنا أحمد بن يونس عن معرف بن واصل -وهما ثقتان-في رواية أبي داود ..
فإن كانت لفظة الأمر ثابتة في إسناده= فهي من تغيير الرواة ووضعهم لفظة أمر في محل صيغة افعل التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم .. ومع عدم امتناع هذا بل وقيام القرينة على حدوثه = لا يمكن الاحتجاج بهذا الحديث على إثبات دلالة لفظة ما عربية ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 02 - 10, 11:57 م]ـ
تنبيه: هذه المسألة ليست منتهية عندي بل أود لو وجدت ما يهديني فيها ..
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[17 - 02 - 10, 11:56 م]ـ
بوركت أبا فهر .. دعني أقلب المسألة عليك [بس خد بالك لا تقع عليك:)]
ما دليلك على أن الأمر لا يطلق في لغة العرب إلا للإيجاب؟ إن قلت: فهمي، فأنا أعارضك بمثله. وإن كان لديك نقل فهاته.
وأنا لدي نقل عن الشافعي رحمه الله أحتفظ به إلى حين أرى إجابتك.
وينبغي التنبه إلى أن توهيم الصحابي في فهمه مسلك وعر لا ينبغي اللجوء إليه.
وقد روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال حدثتنى إحدى نسوة النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة ...
وفتح باب الاحتمال يبطل الحجج.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[18 - 02 - 10, 02:54 ص]ـ
بارك الله فيك ..
دليلي يا سيدنا هو استقراء كلامهم وأن لفظ الأمر لا يأتي في كلامهم إلا في سياق الإلزام والعقاب على الترك والذم عليه وتسمية مخالفته معصية، ولم أر لفظ الأمر في كلامهم يأتي في سياق ما هو مستحب أو تركه غير معاقب عليه ..
والمفردات التي وجدتها في هذا لا تسلم من الاعتراض سلامة تؤهلها لإقامة دلالة كهذه ..
وأصل الباب: أن الدلالات الشائعة (كافتراض استعمال الأمر في الندب) لابد أن تثبت بادلة لا غبار عليها بل لو قيل بأنها لابد أن تثبت ثبوتاً شائعاً قابلاً لتنوع الموارد وتكاثرها = لما كان بعيداً ..
وعليه: فالعمدة على إيراد قدر صالح من الأمثلة السالمة من الاعتراض يجعلنا نثبت هذه الدلالة مطمئنين ..
ثم: الاحتمالات المذكورة قريبة لها أمثلة ونظائر،ولها درجة من القوة إن لم تكن كبيرة فهي مضعفة للثقة والركون بتلك الأمثلة في إثبات هذه الدلالة، واعتبر بأنك لا تحتاج لهذه الولادة المتعسرة لإثبات أن صيغة افعل تأتي للندب ..
وتخطئة الصحابي في فهمه نفعله أنا وأنت والفقهاء قبلنا وبكثرة وإلا لكان قول كل صحابي هو إصابة لما هو الحق الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ..
ومرة أخرى: لستُ على ثقة من استقرائي هذا وإنما أبحث وأطرح واقول لعل مخالفي يأتيني بما يشفي غليلي، إن هو إلا ظن ولكنه من شعب الإبداع ومن لم ينفعه ظنه = لم تنفعه عينه ..
¥