تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18). ويبدو من كلام " الشاطبي " أنه فرق بين العادة والعرف على أساس أن العادة كلية أبدية " العوائد العامة "، وأن العرف راجع إلى عادة جزئية داخلة تحت العادة الكلية " وهي التي يتعلق بها الظن لا العلم" [19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19).

لكن كما تم التنبيه إليه في البداية، لم يفرق كثير من الفقهاء بين العرف والعادة واعتبروهما بمعنى واحد، ومن تأمل في مباحثهم الفقهية وجد أنَّهم يستعملون العادة والعرف استعمالا واحدًا لا يميزون بينهما، وعلى كلًٍّ لا مشاحَّة في الاصطلاح خاصة وأنه لم يرد أي أثر في الفقه لهذا التمييز بين العرف والعادة.

ب ـ العرف والعمل:

ذكر السلجماسي في تعليقه على " العمل الفاسي" لعبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي أن بعض العلماء وخص منهم ابن فرحون، يعتبر العرف والعمل أمرًا واحدًا، ثم انتقد هذا الرأي مبينًا أن العلماء حين يقولون: هذا هو العمل، أو: على هذا جرى العمل، فإنما يعنون أن هذا الحكم قال به الفقهاء، ثم استقرت عليه أحكام القضاء وحين يقولون هذا هو المتعارف، أو: بهذا جرت العادة، فإنما يعنون أن هذا هو ما جرى عليه العمل عند عامة الناس، من غير أن يستند إلى رأي فقهي أو أن يطابق أحكام القضاء. ويبدو أن الذين لم يفرقوا بين العرف والعمل لاحظوا أن جريان أحكام القضاء، في مسألة معينة، على تحكيم العرف في النزاع، يعتبر بمثابة " العرف العملي " الذي اعتبره الفقهاء، وبنوا عليه كثيرًا من الأحكام [20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20).

وذكر أستاذنا الدكتور عمر الجيدي رحمه الله أن العرف والعمل لفظان مترادفان عند جماعة من العلماء، وأن منهم من فرق بينهما بأن العمل إنما هو ممن يقتدى به من العلماء، أما العرف فهو فعل العامة مرة بعد مرة [21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)، و قال بأنه لا يظهر كبير فرق بين ما جرى به العمل وبين العرف لأن ما تعارفه الناس بمعنى تعودوا عليه وعملوا به [22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)، قال الحجوي الثعالبي في كتابه الفكر السامي:"وكثيرًا ما يكون العمل تابعا للعرف مثل أدوات المنزل منها ما يكون للزوج ومنها ما يكون للزوجة بحسب الأعراف والعوائد، فكل بلد يحكم لها بعرفها" [23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23).

والحق أن جريان العمل بالشيء ليس هو جريان العرف به إذ مراد العلماء بقولهم "به العمل" وعمل به، أن القول حكمت به الأئمة واستمر حكمهم به وجريان العرف بالشيء هو عمل العامة من غير استناد لحكم من قول أو فعل [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24)، يقول الدكتور الجيدي في معرض التعريف بالعمل:" هو اختيار قول ضعيف والحكم والإفتاء به وتمالؤ الحكام والمفتين بعد اختياره على العمل به لسبب اقتضى ذلك ... كدرء مفسدة، خوف فتنة أو جريان عرف في الأحكام التي مستندها العرف لا غيره، أو تحقيق مصلحة أو نحو ذلك" [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn25). فالظاهر من التعريف أن إجراء العمل بناء على القول الضعيف أو الشاذ إذا تعلقت به مصلحة شرعية معتبرة صنيع اجتهادي لا يضطلع به إلا من أوتي حظا من البصر بمقاصد الشرع ودراية عميقة بفقه الواقع، وتحقيق مناطات التطبيق، قال الحجوي الثعالبي:" وعليه فالعمل لا يعتمد إلا إذا جرى بقول راجح أو من قاض مجتهد الفتوى بين وجه ترجيح ما عمل به، لأن المجتهد هو الذي يقدر على تمييز ما هو مصلحة وما هو مفسدة أو ذريعة إليها .. " [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn26)

وهذا ما أكده أيضا العلامة النحرير الشيخ الولاتي، فقد ذكر كلاما مفيدا حول العمل عند العلماء على قول ضعيف في المذهب مراعاة لعرف جار، ميز فيه بين عرف العلماء وعرف العوام، ونص على أن الذي يجري العمل هم العلماء، يقول في كتابه حسام العدل الفصل الثالث بعنوان " في بيان العرف الذي إذا صحبه القول الضعيف قوّاه وبِِحِلْْيَةِ التصحيح والتشهير حسّنه وحلاّه": " إن العرف المعتبر عند العلماء في تقوية القول الضعيف إنما هو عرف العلماء الذين لهم أهلية الاجتهاد في المذهب أو الترجيح فإذا جرى عرفهم أو عملهم بالقضاء والإفتاء بقول ضعيف لرجحانه عندهم بسبب نظرهم في دليل شرعي اقتضى ترجيحه عندهم على المشهور المقابل له،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير