وهم معصومون عنها فما سكتوا إلا لموافقتهم له فيما قاله فكان إجماعا وهذا في المسائل القطعية لا الاجتهادية
إذ القائلون بأن الحق فيها مع واحد يقولون إن مخالفه مخطىء لكنه مأجور فلا ينكر عليه والقائلون بالتصويب اختلفوا في كونه إجماعا ثم إنهم قيدوا أصل المسألة بأن يكون قبل انتشار المذاهب إذ بعد تقررها قد جرت العادة بعدم النكير على من خالفها وقد اختلف العلماء في هذه المسألة هل يكون إجماعا أولا
.........
والحاصل أن السكوتي مع حصول شرائطه يكون إجماعا في المسائل القطعية بلا خلاف وأما في الاجتهادية فهو دليل ظني عند المثبتين! اجابة السائل شرح بغية الامل (162/ 1)
وقال العلائي (الاجماع السكوتي والائمة الاصوليين في تصوره طريقان
احداهما من جعل ذلك في حق كل عصر من عصور المجتهدين وهذا هو الذي صرح به الحنفية في كتبهم وامام الحرمين والشيخ ابو اسحاق الشيرازي في شرح اللمع وفخر الدين الرازي في كتبه وسائر اصحابه وسيف الدين الامدي وابن الحاجب في مختصريه وغيرهم والقرافي من المالكية وغيره من المتاخرين
وتفصيل المذاهب على هذه الطريقة ان احمد بن حنبل وجمهور الحنفية وكثيرا من اصحابنا قالوا انه اجماع وحجة ومنهم من عزاها الى الشافعي وكذلك قال بعض المعتزلة لكن شرط الجبائي ابو علي وغيره منهم في ذلك انقراض العصر
والذي ذهب اليه جمهور اصحابنا وبعض الحنفية وداود الظاهري ان ذلك لا يكون اجماعا ولا حجة قال الامام في البرهان هو ظاهر مذهب الشافعي ونقله الغزالي في المنخول عن الجديد
وذهب ابو بكر الصيرفي من اصحابنا وابو هاشم بن الجبائي الى انه حجة وليس باجماع
وقال ابو علي بن ابي هريرة ان كان ذلك حكما من الاحكام لم يكن سكوت الباقين اجماعا ولا حجة وان فتوى كان سكوتهم اجماعا
وعكس الاستاذ ابو اسحاق الاسفرائيني فقال يكون اجماعا في الحكم دون الفتيا
واختار الامدي في الاحكام انه يكون حجة وليس بإجماع وهو قريب من قول الصيرفي وابي هاشم
ووافقه ابن الحاجب في مختصره الكبير وردد في مختصره الصغير اختياره بين ان يكون اجماعا او حجة
والطريق الثانية قول من خص صورة المسألة بعصر الصحابةBهم دون من بعدهم
قال ذلك من اصحابنا ابو الحسين القطان في كتابه اصول الفقه وابو نصر بن الصباغ في كتابه العدة وابو المظفر بن السمعاني في كتابه الحجة والغزالي في المستصفى والمنخول وابن برهان وغيرهم وقاله القاضي عبد الوهاب من المالكية واختاره القرطبي من متأخريهم كما سيأتي والشيخ موفق الدين الحنبلي في الروضة وخصه بالمسائل التكليفية وقال عن احمد ما يدل على انه اجماع
وحكى هؤلاء المذاهب نحوا مما تقدم
ونقل ابن السمعاني عن ابي بكر الصيرفي انه قال في كونه حجة لا اجماعا
وقيل ان هذا مذهب الشافعي قال وبه قال الكرخي من الحنفية وبعض المعتزلة
وحكى القول بكونه اجماعا في صورة الحكم دون الفتوى عن ابي اسحاق المروزي لا عن الاستاذ ابي اسحاق
وقال القاضي الماوردي في كتابه الحاوي ان كان من غير عصر الصحابة فلا يكون انتشار قول الواحد منهم مع امساك غيره اجماعا ولا حجة وان كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم فاذا قال الواحد منهم قولا او حكم به فامسك الباقون فهذا على ضربين
احدهما ان يكون فيما يفوت استدراكه كاراقة دم او استباحة فرج فيكون اجماعا لانهم لو اعتقدوا خلافه لانكروه اذ لا يصح منهم ان يتفقوا على ترك انكار منكر
وثانيهما ان كان مما لا يفوت استدراكه كان حجة لان الحق لا يخرج عنهم وفي كونه اجماعا يمنع الاجتهاد وجهان لاصحابنا احدهما يكون اجماعا لا يسوغ معه الاجتهاد والثاني لا يكون اجماعا وسواء كان هذا القول حكما او فتيا
وفرق ابو علي ابن ابي هريرة فجعله اجماعا ان كان فتيا ولم يجعله اجماعا ان كان حكما وعكسه غيره من اصحابنا انتهى كلامه
واختار امام الحرمين في اخر المسألة انه ان كان ذلك مما يدوم ويتكرر وقوعه والخوض فيه فانه يكون السكوت اجماعا وان صورة الخلاف في السألة اذا فرض السكوت في الزمن اليسير) (20/ 1)
وقال العلامة الدكتور عبد الكريم الخضير في شرح الورقات
يصح الإجماع أيضاً (بقول البعض وبفعل البعض وانتشار ذلك) القول أو الفعل (وسكوت الباقين) من المجتهدين عنه مع علمهم به من غير إنكار، ويسمى ذلك بالإجماع السكوتي.
وظاهر كلام المصنف أنه إجماع، وفيه خلاف: فقيل: إنه إجماع، وقيل: إنه حجة وليس بإجماع، وقيل: ليس بإجماع ولا حجة) قرة العين شرح ورقات الجويني 1/ 37
فرجاء اخي الكريم الا تدفعنا الحماسة الي القول في الدين بغير علم فالمسألة اوضح من الشمس في رابعة النهار
ولحوم العلماء مسمومة فالشيخ معروف بسعة علمه ودقة تحريراته وعمق نظرته
واذا لم تكف هذه النقول في اثبات قيام الخلاف فاضيف
المستصفي (121/ 1) والاحكام للامدي (129/ 1) وشرح العضد لمختصر المنتهي (37/ 2) وشرح المحلي علي جمع الجوامع (163/ 2) وشرح الاسنوي (375/ 2)
¥