تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا واقع فرضه الاستقراء.

هذه قضية، الثانية، قولك أن اصطلاحات المتقدمين فيها غموض ولا تفهمن الحقيقة أن هذه ليست مشكلة المتقدمين، بل إن المتأخرين عجزوا عن أن يحفظوا لأنفسهم القدر الذي يكفي لفهم كلام المتقدمين من العلماء الذين لم تعد لغتهم لغة القرآن، صحيح أن بعض العلماء أغرق في المباحث الكلامية والمنطقية والعقلية، ولكن هذا أمر لا يقاس عليه، فإذا أردت أن تكتب المقاصد بلغة معاصرة فهذا يقتضي منك أن تفهم اللغة القديمة أولا، فكيف الحال إذا كانت اللغة المعاصرة عاجزة عن أن تتجاوز مستوى لغة الصحف، لأن المقاصد ليست شغل العوام، إنما هي شغل الأئمة المجتهدين المفتين.

لقد قرأت الموافقات للشاطبي، ثم قرأت مقاصد الشريعة لابن عاشور، لكني لم أجد في موضع أن ابن عاشور وصف كلام الشاطبي بالغموض أو الضبابية ـ وابن عاشور معاصر يستعمل لغة العصر ـ، لكني وجدته يصف قوله أحيانا بالتردد وأحيانا بالاضطراب، وشتان بين هذين المعنيين ومعنى الضبابية الذي تقصده، قد تكون هناك عموميات صحيح، قد يكون هناك عدم ضبط للمصطلحات، صحيح، لكن لا ينبغي أن يفوتك أن تقرأ كل كتاب بعين عصره الذي كتب فيه، فلا يمكنك أن تفهم كلام الحكيم الترمذي، أو القفال، أو الرازي مثلا إلا ضمن الحقبة الزمنية التي عاش فيها كل منهم، والتي إما يكون المصطلح فيه حديث الإنشاء، أو في طور التبلور، كما لا يمكنك أن تفصل كلام الشاطبي في موافقات عن مشروعه وغايته من وضع الكتاب، وعن طبيعة عصره الذي عاش فيه، كما لايمكنك فصل كتاب مقاصد الشريعة لابن عاشور عن النسق العلمي السائد في أواسط القرن العشرين، وكيف أن المقاصد كانت للكثرين في ذلك الوقت فتحا بل أمرا غير مألوف لديهم أصلا، والحال أنه اصل أصيل في النسق التشريعي الإسلامي، ويكفيك مني دلالة أن ابن عاشور ركز على المقاصد الخاصة وأساسا منها المعاملات المالية، وهذا مراعاة لطبيعة العصر لكن دون أن يقول إنه قرأ وقرأ وقرأ ولكنه وجد الأمر ضبابا، وفي هذا رد على وصفك المصطلحات بالمطاطية.

أما قولك صعوبة التطبيق على الجزئيات، فهذا التطبيق والتنزيل لا يكون إلا من عالم بلغ مرتبة تحقيق المناطات واستشراف المآلات، وعرف موارد الواقعات ومراصدها، فاختلاف المناطات في المسألة الواحدة يجعل عمل المجتهد والمفتي والحاكم اكثر صعوبة، وهذا ما يدفعه أن يكون أكثر دقة في التعامل مع النوازل، لأن تعدية الأحكام العامة على المسائل الجزئية جناية كبيرة، ولهذا قد يصعب على شادن مثلي ومثلك إدراك موارد هذا التنزيل، لكن العالم بقواعد الاستنباط ومسالك الكشف عن المقاصد القادر على إجراء القياس ومعرفة متى ينبغي العدول عنه، وتحكيم الاستقراء بنوعيه، المتمكن من إدراك العلل، وعلى معرفة ما وراء المصطلحات ومباني الألفاظ واستكناه خبايا النفوس معملا سد الذرائع أو مراعيا للخلاف أو خارجا منه، لا تصعب عليه المسائل إلا بالقدر الذي يفتح الله عليه بما يكون فيه للمكلف مصلحة، وما الغاية من الأحكام ووضعها إلا مصلحة المكلف وحفظها.

استميحك العذر في بعض الاضطراب الذي في كلامي، ولكن هذا ما اقتضاه الخاطر المكدود في ساعة انشغال النفس بهمومها، فلا تحملنك مخالفتي لك على سوء الظن بي، فإنما هي كليمات إن قبلتها فالحمد لله، وإن رددتها فالشمس تجري لمستقر لها، والحمد لله رب العالمين.

ـ[المصلحي]ــــــــ[10 - 07 - 10, 12:22 م]ـ

الاخ ابو حاتم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

سررت جدا بقراءة مثل هذه التعليقات المفيدة، ففيها من روح النقاش العلمي الهادئ ما يدعو المقابل للانصات واكمال القراءة، وفيها ايضا روح الذب عن هذا العلم وعن علمائه، وهو مفتاح التوفيق للطالب.

ومع هذا كله –وغيره- لم تفهم قصدي 100% بل فهمت منه 90% ولا اريد ان اكون من المطففين فاغمطك حقك في فهم كلام الاخرين.

بكل وضوح وسهولة وبيان وجلاء:

قصدي هو:

الضبابية في الكتب والمصنفات في هذا العلم.

هذا قصدي فقط لاغير لازائد ولاناقص.

هذا العلم المهم يشهد حالة من الضبابية في الكتب والمصنفات التي تناولته – قديما وحديثا- ولاشك ان هذا نتيجة الضبابية في تعبير المؤلفين.

أي: ان هذا العلم لم يظهر فيه كتاب واضح سهل محدد مفهوم جلي يسير .... مثل علم اصول الفقه الذي شهد مئات الكتب التي فيها هذه المواصفات.

اذن:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير