تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأسماءُ نوعانِ: جامدةٌ، ومشتقةٌ؛ فأما المشتقةُ، فيُفصَلُ مؤنَّثُها عن مذكرِها بالتاءِ، أو بغيرِها من علاماتِ التأنيثِ؛ نحوُ: (ذاهب، وذاهبة)؛ إلا أن يكونَ معناها مما يغلبُ أن يقومَ بالمذكَّرِ؛ فإنَّ لكَ فيهِ وجهينِ: أحدُهما أن تجرِّدَه من التاءِ مطلقًا. والآخرُ أن تبقيَه على الأصلِ؛ فتفصلَ مؤنّثَه عن مذكرهِ بالتاءِ. والأولُ أحسنُ. ومن أمثلةِ هذا الضربِ (الشاهد)، و (أمير المؤمنين)، و (الوكيل). وأما الجامدةُ، فإن كانت ممَّا له مذكرٌ ومؤنثٌ حقيقيانِ، فإنه يجِبُ تأنيثِ مؤنثه، وتذكير مذكره. وقد استعملَ العربُ لذلك ثلاثةَ أوجهٍ؛ الأولُ: أن تفصلَ المؤنثَ عن المذكرِ بلفظٍ يخالفُه، كما قالوا: (حمار، وأتان)، و (تيس، وعنز)، و (رجل، وامرأة). وهو الأكثرُ. الثاني: أن تفصِل المؤنثَ عن المذكر بالتاءِ، كما تفعلُ في المشتقِّ؛ ومن ذلكَ (أسَد، وأسدة)، و (حمار، وحمارة). الثالث: أن تجعلَ للمذكر والمؤنث لفظًا واحدًا، إمَّا مختومًا بالتاءِ، وإما غيرَ مختومٍ؛ فمن الأولِ نحوُ (فرس). ومن الثاني نحوُ (حمامة). وللتفصيلِ في هذا، والتعليلِ مَقامٌ آخرُ.

أما الأسماءُ الجامدةُ التي ليسَ لها مذكرٌ ومؤنّثٌ حقيقيانِ - وهو مقصَدنا -، فإنَّ العربَ تستعملُ له لفظًا أو ألفاظًا، ولا تلتزمُ فيهِ وجهًا؛ فربما جعلوه مذكَّرًا؛ نحو (قَلَم)، و (قمَر). وربما جعلوه مؤنثًا، إما تأنيثًا بعلامةٍ؛ نحو (ظُلْمة)، أو بغيرِ علامةٍ؛ نحو (شمس). وربما جعلوه مذكّرًا مؤنثًا؛ نحو (حالٍ)، و (دِرْعٍ). وهذا الضربُ - أعني غيرَ الحقيقي - ليسَ له وجهٌ ثابتٌ في لُغاتِ العالَمِ؛ بلِ هيَ في أمرٍ منه مختلِفٍ.

فهذا سبيلُ الاستقراءِ، قدَّمناه إليكَ موجَزًا.

أما بيانُ وجهِ القياسِ في ذلكَ، فنقولُ:

إنْ وردَ عليكَ لفظٌ مشتقّ (وهو هنا اسمُ الفاعل، والمفعول، وصيغ المبالغة، والصفة المشبهة) في غيرِ ما استثنته العرب، كـ (فَعول)، و (مِفعال)، فإنَّك تفصِل مؤنثَه عن مذكرِهِ بالتاءِ؛ فتقولُ: (كاتب، وكاتبة)، و (رئيس، ورئيسة)، إلا أن يكونَ معناه مما يغلب أن يقومَ بالمذكر؛ فإن لك فيهِ الوجهينِ، كـ (مُدير)، و (رئيس). وإلا أن يكونَ من بابِ (أفعل فعلاء)، أو (فعلان فعلى)؛ فإنَّ تأنيثه بالألفِ.

وإنْ وردَ عليكَ لفظٌ جامدٌ، فله حالانِ:

الحالُ الأولى: ألا يبلغَك عن العربِ فيهِ سَماعٌ، فإنْ كانَ معناه معنى المشتقِّ، وكانَ له مؤنثٌ حقيقيٌّ، فصَلْتَ مؤنثَه بالتاء؛ تقولُ: (تلميذ، وتلميذة)، و (أستاذ، وأستاذة). والعربُ كثيرًا مَّا تحملُ الشيءَ على الشيءِ لُعلقةٍ بينَهما في المعنى، كما فعلوا في بعضِ الأسماءِ الجامدةِ في النعتِ، والحالِ.

فإن لَّم يكن له مؤنّثٌ حقيقيٌّ، فليسَ لكَ إلا أن تلتزمَ تذكيرَه، لأن التذكيرَ هو الأصلُ؛ ولذلكَ يخطئ بعضُ الناسِ؛ فيؤنثُ (الكمبيوتر).

فإن قيلَ:

ألا ترَى أنَّه بمعنى (الآلةِ)؟

قلتُ:

ألا ترَى أنتَ كذلكَ أنّه بمعنى (الجهاز)؟ وليسَ أحدُهما بأولَى من الآخرِ. وإذْ ثبتَ أن العربَ لا تستنِد في تذكيرِ ما كانَ كذلكَ، وتأنيثِه إلى علةٍ بيِّنةٍ، فإنه ليسَ لنا أن نقيسَ على شيءٍ من ذلكَ؛ ألا ترَى أنهم أنثوا (الشمس)، وذكروا (القمر) لغيرِ علةٍ ظاهرةٍ؛ وإن كنتَ لو فتشتَ واجدًا علةً؛ غيرَ أنها علةٌ غيرُ موجبةٍ؛ يبيِّنُ لكَ ذلكَ اختلافُ لغاتِ الأممِ في تذكيرِ ما كانَ كذلكَ وتأنيثِهِ. فلمَّا عدِمنا العلةَ الظاهرةَ، امتنعَ علينا القياسُ، لأنك لا تقيسُ على الشيءٍ حتى تعرفَ علتَه. فإن قلتَ: لا أقيسُ عليهِ قِياسَ علةٍ؛ ولكن قياسَ شبهٍ؛ أشبِّهُهُ بـ (الآلةِ) من جهةِ المعنَى. قلتُ: ليسَ للمحدَثِ أن يقيسَ قياسَ شبهٍ إلا في المواضعِ التي طردتَها العربُ، كالفعلِ المضارعِ؛ إذ شبهوه بالاسمِ؛ فأعربوه؛ ألا تَرى أنه ليس شيءٌ إلا هو يشبه غيرَه من وجهٍ، أو وجوهٍ؛ فلو أخذنا بالقياسِ في ذلكَ، لأفضَى بنا هذا إلى اضطرابِ الأصولِ، وانتقاضِ عُقدِ القياسِ. ولذلك لو شبهتَ (الكمبيوتر) بـ (الآلةِ)، لأنه أحدُ أفرادِها، للزِمَك أن تشبهَه بـ (

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير