تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فسواء كان الصواب معك أو معي، فينبغي أن لا يكون هذا مؤثرا؛ لأن الفائدة حاصلة في جميع الأحوال.

وطلب المناظرة لمجرد الغلبة مذموم عند أهل العلم، وللآجري في هذا كلام نفيس يرجى مراجعته.

فعلى أقل تقدير ينبغي أن تجعلني كأخ لك في طلب العلم، أساء الفهم في مسألة، فصار محتاجا إلى بيان واضح منك حتى يزول عنه الإشكال.

وماذا عليك لو لطفت من أسلوبك وتركت ما فيه من الإساءة والتجريح؟ فلعلي أنتفع بكلامك فأدعو لك دعوة تنفعك في دنياك أو أخراك.

ولعلك كذلك إن نظرت للمسألة بإنصاف وتجرد رأيت فيها ما لعله يكون خفي عليك ابتداء، فتزداد علما، وتنتفع، وتنفع غيرك، وفي كل ذلك ثواب مدخر لك عند الله في الآخرة.

العلم يا أخي الفاضل إن لم يكن محوطا بالخلق الحسن كان كالعدم، وإن دخلت فيه الأهواء الشخصية والانتصار كانت كالغشاوة على عين صاحبها تمنعه من الاهتداء ورؤية الحق حتى لو كان واضحا.

وأرجو منك يا أخي الفاضل إن أردت أن تكمل الحوار أن تناقش بهدوء وتوضح كلامك بانبساط نفس حتى ينتفع من أراد الانتفاع؛ لأن ما يحتف بالكلام من عبارات جارحة قد يمنع الاستفادة لكلا الطرفين.

فالمقصود أن الغرض من الحوار هو الانتفاع وليس الانتصار والغلبة.

وبناء على ما سبق نقول:

أولا: هذه المسألة خلافية بين العلماء، ولا ينبغي أن يكون هذا محل جدال بيننا؛ لأنها خلافية حقا، وترجيح قول على قول لا يمنع من كونها خلافية، حتى لو كان القائلون بأحد القولين أكثر من الآخرين، فينبغي احترام كلام أهل العلم حتى لو خالفنا بعضهم في رأيه.

ثانيا: هذه المسألة لا ينبني عليها عمل، وهذا أيضا لا ينبغي أن نختلف فيه؛ لأن المتكلم لا يمكن أن يلحن إذا جهل هذه المسألة.

ثالثا: الكلام المنقول عن ابن عقيل أنكره الدكتور عبد اللطيف، وقد نقلتُ لك كلاما شبيها به لمكي بن أبي طالب، ولم يظهر لي فرق بين الكلامين، فإن كنت ترى بينهما فرقا، فبينه لي بهدوء بدلا من التهم التي لم تخطر لي على بال، وأقول: جزاك الله خير الجزاء إن بينت لي ما خفي علي.

رابعا: يمكننا أن نطرح سؤالا هنا، وهو ماذا تقول في (أنا - أنتَ - أنتِ - .... إلخ) هل الضمير هو الألف والنون فقط؟ أو هو الكلمة بكمالها؟ وإذا كان الضمير هو الكلمة بكمالها، فما الفرق بين ذلك وبين المسألة التي معنا؟

وماذا تقول أيضا في (هو - هي - هم - هن) هل الضمير هو الهاء فقط؟ أو الكلمة بكمالها؟ وإذا كان هو الكلمة بكمالها، فما الفرق بين ذلك وبين المسألة التي معنا؟ فهنا ميم جمع وهناك ميم جمع.

خامسا: الكلام الذي نقلته عن الشيخ ياسين، ألم يكن تعليقا على كلام الشيخ خالد الأزهري الذي هو شبيه بكلام ابن عقيل؟ قال الشيخ خالد الأزهري: ((وجملة الضمائر البارزة ستون ضميرا ..... أمثلة المنصوب المتصل .... أكرمكما، أكرمكم، أكرمكن .... أمثلة المخفوض .... غلامكما لكما، غلامكم لكم.))، فلم ينفرد ابن عقيل بهذا، فلم يرمى بهذه التهم؟

سادسا: لو راجعت شرح المفصل لابن يعيش لرأيته رجح في أنتم وأنتن أن الكلمة بكمالها صيغة موضوعة للجمع، خروجا من الإشكال.

سابعا: لو راجعت النحو الوافي لعباس حسن، لرأيته قد مال إلى رأي من جعل (إياكما - إياكم - ... إلخ) كلمة واحدة.

ثامنا: قد يقال: لو كان الضمير هو الكاف وحدها، والميم للجمع، لكان ينبغي أن يقال: (مررت بكَم) بفتح الكاف؛ لأنه لا معنى لتغيير حركة الكاف ما دامت هي الضمير فقط في الكلمتين، فإما أن نقول إن الكاف في (بك) تختلف عن الكاف في (بكم)، وإما أن نجد تعليلا لهذا الاختلاف في الحركة.

تاسعا: قد يقال: لو كان الضمير هو الكاف فقط، فكان ينبغي على هذا أن يقال: (ضربكِن) بكسر الكاف لأنه جمع مؤنث، والكاف في المفردة المؤنثة مكسورة، فلماذا ضمت مع جمع المؤنث؟

عاشرا: لو كانت الميم وحدها للجمع دون الكاف، لكان ينبغي أن نرى هذه الميم في شيء من كلام العرب منفصلة عن الكاف حتى نعرف ذلك، وإلا صار هذا تخمينا لا دليل عليه من كلام العرب.

حادي عشر: لو كانت الميم وحدها للجمع، لما جاز أن يقال في المثنى (ضربكما)، ولكان ينبغي أن يقال على هذا (ضربكا).

ثاني عشر: ورد عن العرب شذوذا (بكِم) و (فيكِم) بكسر الكاف، ولم يرد هذا في المفرد مطلقا، وهذا يدل على أن الضمير مجموع الحرفين؛ لأن ارتباط الأشياء ببعضها هو الذي يحدد اتصالها وانفصالها، فإذا رأينا شيئين لا يوجدان إلا معا دل هذا على أنهما يعبران عن شيء واحد.

ثالث عشر: لو كانت (ها) ضمير المؤنثة في (ضربها) لكان ينبغي أن يقال في الجمع (ضربهان) لا (ضربهن).

وأكرر مررة أخرى أن ليس مرادي بهذه الإيرادات ترجيح قول على قول، فالمسألة كلها لا تهمني في شيء، وإنما يهمني احترام أهل العلم، والمناقشة بهدوء، ولا سيما في مثل هذه المسائل.

وإنما مرادي بهذه الإيرادات أن أبين لك أن المسألة ليست واضحة جدا كما تحسب.

وختاما أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد، والهدى والتقى والعفاف والغنى.

ونسألك اللهم العلم والعمل، ونعوذ بك من الجهل والجدل.

والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير