تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 03:19 ص]ـ

بدع نحوية وصرفية

لقد أدخل المتكلمون بالعربية بدعًا كثيرة عليها. حدث ذلك في صيغها الصرفية وتراكيبها النحوية وضوابطها اللغوية وكان ذلك يحدث في عصور مختلفة، وأخطر تلك البدع فيما أحسب تجاهل الفصحى ومحاولة استبدالها بالعامية وعدم التعامل معها حتى في حجرات الدراسة وقاعات المؤتمرات، ومن أفدحها أن يكون أستاذ اللغة العربية نفسه من المتحدثين بالعامية لمن يقوم بتدريسهم العربية أو يلتزم السكون كما هو الشائع في كل المفردات والعبارات جريًا على المقولة المعروفة (سكن تسلم) بينما يعلم أولو الألباب أن العربية لغة حركة دائبة وتتمثل حيويتها في تلك الحركة.

كذلك تتسع الفداحة حيث يقدمون دروسهم باللهجة الدارجة، بل يزداد المرء تعجبًا حين يقف على كثير من الرسائل الجامعية المعدة بالعربية في مختلف الجامعات العربية فإذا به يجد الأخطاء النحوية والصرفية والإملائية تأخذ طريقها وسط الطالب والمشرف، لكن أكبر من كل ذلك حين يحضر المرء مناقشة رسالة علمية في مدرج مفتوح فيسمع كثيرًا مما ينغص، وبرغم ذلك يتجاوز الناس هذا التساهل ويخرجون بتقديرات يتعجب منها الحضور قبل الفاحص المتلمس. ومادروا أن الأخطاء الصرفية والنحوية واللغوية مما يجب الوقوف عنده ومحاسبة من يرتكبه باعتباره بدعة صارفه عن الحق وتستاهل ردّ الرسائل ومؤاخذة الفاحصين مهما كانت مواقعهم في الجامعات والمعاهد العليا من أهل اللغة وأهل قرباها – بل لقد وصل الأمر في هذا المجال إلى أن تعقد مؤتمرات للغة العربية ويكون الحديث فيها بالعامية، ويدار النقاش بها – بل نجد التهاون في العربية حتى في المحافل الدولية، حيث يتكلم أحد المسئولين العرب بها فلا حرمة لقاعدة ولا طريقة.

بل نجد الافتراء والاستهوان. هذا وفيما يلي الوقوف على بعض النماذج لهذه البدع من ذلك: علاقة بالكسر يقولونها للعلاقات المعنوية بينما هي علاقة بفتح العين وليس كسرها لأن الكسر للحسيات وليس للمعنويات ومن ذلك ابدال ال أم متابعة للنادر فيقولون جئت أم بارح – بدل البارح ويقول فناء المدرسة بفتح الفاء في كلمة (فناء) والصواب كسرها لأن الفناء بالفتح الموت – ويقولون في الإذاعات وغيرها وصلنا الخبر الآتي. بدل وصل الينا لأنّ وصلنا تعني أعطانا صلة من الصلات المتكرم بها.

ومن ذلك أيضًا الوقوف بالتنوين على الاسم المنون مثلاً يقولون: جلس علىُّ "مُنفردًا" بتنوين منفرد عند الوقوف بدل "منفردا" بغير تنوين حيث يكون الوقف على الألف. كما نجد بعض المتكلمين لا يفرقون بين الكلمات التي على صورة المبني للمجهول من غيرها وهم على مستويات ثقافية مشهودة فيقول: استهتر فلان بفتح التاء الأولى والثانية بدل ضم التاء الأولى وكسر الثانية. ويقولون عني بفتح العين بدل عني بضمها وكسر النون. كما نجد البدع فاشية في حروف المضارعة في الفعل الرباعي مثل أريد، وأحب، ويشبه فبدل ضم الهمزة والياء الحادثة في أول الفعل لأنها أفعال رباعية نجدهم يفتحونها ويزيدون كذلك حرف أنّ المصدرية متصلاً بضمير في الجملة التي تتكون من هب مثلاً:

هبني أني قلت هذا بدل هبني قلت هذا. قال الشاعر:

هبوني أمرًا منكم أضل بعيره =له ذمة أنّ الذمام كبير (19)

1 هبوني أمرًا منكم أضل بعيره له ذمة أنّ الذمام ii كبير (19)

كما ظهرت البدع في خلط الأفعال المتعدية بنفسها وتلك التي تتعدّى بحروف الجر أو العكس. فنجد مثل التراكيب كان عليّ يسير ليلاً بقرب القرية وقد نبحت عليه الكلاب .. وفي الحقيقة هذا الفعل يتعدى بنفسه تقول نبحته الكلاب. ومثله قولهم أنعشه الجو وأطربه جدًا والحقيقة هي نعشه الجو يتعدى بذاته بدل الهمزة: كما تتضح هذه البدع في عدم التفريق بين صيغة اسم الفاعل وصيغة اسم المفعول في شهرة عجيبة يقول أحدهم قرأت المعوذتين بتشديد الواو وفتحها بصيغة اسم المفعول بينما الذي يطلق على هاتين السورتين. قل أعوذ برب الناس، وقل أعوذ برب الفلق "المعوذتين" بتشديد الواو وكسرها بصيغة اسم الفاعل. ومن ذلك أيضًا وصلهم بين لولا وضمير المخاطب فيقولون:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير