هي من الروايات النادرة الغريبة التي لم يطلع عليها الباحثون في تأريخ النحو العربي، وكنت قد عثرت عليها أول مرة في كتاب (التمهيد في معرفة التجويد) لأبي العلاء العطار، وقد كان مخطوطا، ثم في مخطوطة كتاب (الإيضاح في القراءات) للأندرابي، واطلعت عليها أخيرا في كتاب (الجامع لأخلاق الراوي) للخطيب البغدادي، وهو مطبوع. وقد أخرج الرواية مؤلفو الكتب الثلاثة كل بإسناده، وتلتقي الأسانيد الثلاثة عند محمد بن الفضيل، ثم تتفق في أسماء السند. وهذا نص الرواية كما رواها الخطيب البغدادي:
(أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ بأصبهان، نا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا حبان بن إسحاق البلخي، نا محمد بن الفضيل، نا العوام بن حوشب، نا الخزرج بن أشيم، عن عبيد الله بن بريدة، عن أبيه قال:
كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر، أن نتعلم القرآن، ثم السنة، ثم الفرائض، ثم العربية: الحروفَ الثلاثة. قال: قلنا وما الحروف الثلاثة؟ قال الجر والرفع والنصب) [50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn50).
ويمكن أن تُدرس هذه الرواية من ثلاث نواح: من ناحية الإسناد، ومن ناحية المتن، ومن ناحية تحديد العصر الذي وقع فيه الأمر بالتعلم:
1 - ناحية الإسناد:
تلتقي أسانيد المصادر الثلاثة التي أخرجت الرواية عند (محمد بن الفضيل) وسنتوقف عنده في تتبع رجال السند، وهم:
1 - بريدة بن الحصيب الأسلمي، صاحب رسول الله r أسلم عام الهجرة، وقدم المدينة وسكنها إلى أن مصِّرَت البصرة، فتحول إليها، ثم خرج منها غازيا إلى خراسان في خلافة عثمان بن عفان، فلم يزل بها حتى مات في مَرو في خلافة يزيد بن معاوية، سنة 62هـ، وقيل 63هـ[51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn51).
2- عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، قاضي مرو، ولد لثلاث سنين خلون من خلافة عمر، وتوفي سنة 115هـ، من ثقات التابعين، ووثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم والناس [52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn52).
3- الخزرج بن أشيم [53] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn53).
4- العوَّام بن حوشب، قال ابن سعد، وكان ثقة، مات سنة 148هـ. ووثقه يحيى بن معين وغيره [54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn54).
وقد جاء (أصرم بن حوشب) مكان (العوام بن حوشب) في رواية الأندرابي والعطار. وأصرم هذا متروك الحديث [55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn55).
5- محمد بن الفضيل، سماه الأندرابي: محمد بن فضيل العابد. وقد ذكر ابن حبان في كتابه (الثقات): محمد بن الفضيل بن العباس بن الحجاج البلخي العابد وقال: وكان شيخا متقنا [56] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn56).
فرجال الإسناد تغلب عليهم الثقة، وإذا أزيلت جهالتنا بالخزرج بن أشيم استقام سند الرواية إن شاء الله.
2 - ناحية المتن:
قوله: (كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر): قال الخطيب البغدادي: (قال أكثر أهل العلم يجب أن يحمل قول الصحابي: (أمرنا بكذا) على أنه أمر الله ورسوله. وقال فريق منهم: يجب الوقف في ذلك لأنه لا يؤمَن أن يُعنى بذلك أمر الأئمة والعلماء كما أنه يُعنى بذلك أمر رسول الله r . والقول الأول أولى بالصواب) [57] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn57).
قوله: (أن نتعلم القرآن، ثم السنة، ثم الفرائض): سبق أن ذكرنا الأمر بتعلم القرآن والتفقه في الدين. أما (الفرائض) فتحتمل أمرين: الأول: حدود الله التي أمر بها ونهى عنها، والثاني: المواريث [58] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=875333#_edn58).
أما قوله: (ثم العربية) فقد جاءت مفسرة في الرواية.
¥