تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كانت أول مرة أتعرّف فيها ـ بطريقة مباشرة ـ على أحوال المسلمين في تركستان الشرقية وسائر بلاد الصين .. عندما التقيت ـ في أواخر عام 1982 ميلادية ـ بعدد من قادة العمل الإسلامي هناك .. منهم الشيخ نعمان ماشيان نائب رئيس الجمعية الإسلامية في بكين .. والشيخ سليمان قونج نائب أمين عام هذه الجمعية والشيخ المولا حسن شرف جان إمام مسجد شينكيانج ـ تركستان الشرقية ـ و تو تيكل الأستاذ بالمعهد المركزي للقوميات في بكين والشيخ صادق ون هو دينج مدير الشئون الخارجية للجمعية الإسلامية في بكين.

أما قبل هذا التاريخ .. فكنت أكتب عن المسلمين في تركستان الشرقية وفي الصين من خلف السور العظيم .. حيث لا يستطيع أي كاتب أن يزعم أن ما كتب هو الحقيقة .. فقد كنا نتسابق للوصول إلى أقرب شيء من واقع ما يصل إلينا من معلومات تتسرب عبر سور الصين العظيم .. ذلك السور الذي وقعت خلفه أكبر الجرائم ضد المسلمين .. وبعد لقاء قادة العمل الإسلامي هناك والحوار معهم وجهاً لوجه .. ومن أهم ثماره الحصول على معلومات من مصادرها الأصلية .. وإن كانت مغلّفة بغلاف من الحذر السياسي البالغ.

تكررت لقاءاتي بكبار رجال الدعوة الإسلامية هناك .. حيث التقيت بالشيخ إلياس شن شيا شن رئيس الجمعية الإسلامية في بكين ومدير المعهد الإسلامي هناك .. والشيخ محمد حنفي مدير الشئون الإسلامية والشيخ محمد سعيد ما يون فو وهم الآن من كبار المسئولين في قطاع العمل الدعوي الذي تمارسه الجمعية الإسلامية في بكين.

عندما سألت الشيخ إلياس شن شيا شن رئيس الجمعية الإسلامية في بكين ـ في هذا الوقت ـ عن تاريخ الإسلام في بلاده قال: " دخل الإسلام إلى الصين في أواسط القرن السابع الميلادي .. وتوجد الآن عشر أقليات قومية تعتنق الإسلام هي: هوي ـ الويغور ـ القارغيز ـ التاجيك ـ التتار ـ الأوزبك وغيرهم .. وهؤلاء موزعون في تركستان الشرقية وقانسو ونيغيشيا وتشينغهاي في شمال غربي الصين بصورة رئيسية .. بجانب عدد ليس بالقليل من المسلمين " الهويين " ينتشرون في العديد من المدن والقرى.

كان رئيس الجمعية الإسلامية في بكين يتحدث إلي بلغة صينية .. يتولى ترجمتها لي بلغة عربية ضعيفة للغاية الشيخ محمد سعيد ما يون فو .. الذي واصل الحديث عن التاريخ الإسلامي لبلاده فقال: لقد وصل الإسلام إلي الصين عن طريق الفتح الإسلامي ـ لمقاطعة ـ تركستان الشرقية ـ وعن طريق الدعوة الإسلامية في المناطق الداخلية .. وعن طريق الدعوة والتجارة ـ معاًـ في المناطق الساحلية .. حيث حمل التجار العرب أخبار الإسلام إلي المواني الصينية منذ بداية عهدها .. فتأسست في المواني جاليات مسلمة منذ وقت مبكر.

وأضاف الشيخ محمد سعيد: إن علاقة العرب بأهل الصين علاقة تاريخية معروفة من قبل ظهور الإسلام .. وقد أثبت التاريخ الإسلامي في بلادنا .. أن فتوحات المسلمين بقيادة القائد المسلم " قتيبة بن مسلم الباهلي " قد بلغت تركستان الشرقية ـ أي الحدود الغربية للصين ـ قبل أن ينتهي القرن الهجري الأول .. وكان للتجار العرب دوراً كبيراً في نشر الإسلام .. حيث عرف هؤلاء التجار " طريق الحرير " المشهور في التاريخ في منطقة آسيا الوسطى ـ حيث تولى قتيبة بن مسلم الباهلي أمر " خراسان " في عام 88 هجرية ووصلت فتوحاته إلى كاشغر في تركستان الشرقية عام 96 هجرية وطريق الحرير بوادي فرغانة ـ

وقال: كما عرف الإسلام في شرق الصين منذ عام 31 هجرية ـ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ـ وقد بلغ عدد البعثات الإسلامية التي جاءت إلى بلادنا منذ هذا التاريخ وحتى عام 184 هجرية 28 بعثة إسلامية .. وقد اهتمت هذه البعثات بالدعوة والتعليم الإسلامي .. كما اهتم المسلمون بإنشاء المساجد التي كانت جوامع وجامعات إسلامية مفتوحة أمام طلاب العالم الإسلامي.

لقد أسس المسلمون في تركستان الشرقية العديد من المساجد منذ عام 96 هجرية .. ولكنها اندثرت مع الأيام حيث كانت هذه المساجد مشيّدة وفقاً للعمارة الإسلامية البسيطة على النحو الذي شيّدت به مساجد المدينة المنورة في السنوات الأولى من الهجرة النبوية الشريفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير