واقسم بكل يمين يعتبره الموحدون والملحدون والمشركون والطرقيون أن الجزائر لو تركت وطبيعة الزمان من غير دين يهديها ولا عدو يرديها، ما بلغت هذه الدركة من الانحطاط ولكانت أحسن مما هي عليه الآن بكثير.
واقسم ثانيا بتلك اليمين إن عدوها لو لم يكن مزدوجا – داخليا وخارجيا- ما كانت مضرب الأمثال في التأخر والتقدم فيه!
فالجزائر لها أعداء أجنبيون وأهليون لا تأخذهم فيها مرحمة ولا شفقة.
أما الأجنبيون فإننا كما لا ننكر وجودهم لا نكبر أفعالهم، ذلك بأنهم يرون حياتهم في موتنا، وسعادتهم في شقائنا، فهم يتنعمون ببؤسنا كما يتنعم الصيادون بترويع أسراب الحيوانات الوحشية، ولا يسرهم اجتماعها واتحادها إلا إذا رأوا في ذلك تكثيرا للصيد واختصارا للرماية.
ولا عليهم من ترويعها أو الإجهاز عليها لأنهم لا يرون لها وجودا مستقلا وإنما هو وجود مكمل لوجودهم.
وأما أعداء الجزائر الذين هم من أبنائها، فهؤلاء يكبر العقلاء أفعالهم ويتقربون إلى الله بحربهم وإشهار خبائثهم، ويخدمون الوطن العزيز بتطهيره منهم تطهيرا علميا لا هراويا ...
شعر عقلاء الجزائر من شبابها العاملين المخلصين بأصل الداء الذي اقعد وطنهم، وعرفوا أن له مادتين: داخلية وخارجية، وأدركوا ان المادة الداخلية اضر من الخارجية، وان كانت أصعب علاجا.
إذ ذاك اخذوا في بري جسد الأمة كي يروها سادة الداءِ الداخلي الذي خفي عليها فأخذت تعمل لتقويته، وكانت الأمة تتألم لذلك ظنا منها أن الشباب اخطأوا ناحية الداء، ورشح لهذا الظن إن الشيوخ – وهم عندنا اعرف من الشباب- لم يكونوا باحثين عن الداء من هذه الوجهة.
ولكن الشباب عرفوا أن الأمة مغرورة بهيئات خاصة كانت تراها محل العلم والإدراك فلم ينالوا بانزعاجها ولا باذايتها خصوصا وهم يعلمون أن جرثومة هذا الداء طال عليها الأمد فتمكنت من جسد الأمة، ووجدت في الجهل أحسن وقاية تقيها الهرم، فقلعها يحتاج إلى قرع يصم الآذان، ويفزع الجبان.
ولم يخفف الشباب من ألم الأمة بتبنيجها ببنج النفاق خوفا عليها أن يحدث فيها مرض آخر واختاروا الصراحة وان كانت آلم للأمة لأنها أوفق بعملهم من النفاق.
وأخيرا دلهم احد الكتاب – ويا ما أسرع انقيادهم للصواب – على عرق من عروق تلك الجرثومة فتوجهوا إليه بفؤوس أقلامهم، وإذ ذاك طارت هراوة من ذلك العرق وقعت على أستاذهم عبد الحميد ولكن الله حفظه من سوء وقعها.
هنالك انشد الكشوث المحيطة بذلك العرق قول الشاعر:
جراحات السنان لها التآم ... ولا يلتام ما جرح اللسان
فعومت على اتخاد ورقة دعتها دفاعية، وندعوها في حقيقتنا – لا حقيقتهم- هجومية على الأغراض، وبما ان الكشوث لا ورق لها فقد استعانت بعروق أخرى واستعارت منها الورق ... واصدرت ورقة باسم الدفاع عن الصوفية عامة لا عن عرقها العليوي خاصة ... !
وقد كنت معرضا عن قراءة هذه الورقة ضنا بالوقت من إضاعته في قراءتها ومناقشتها، وعلما بان لدينا من الكتاب من يناقشها ويكيل لها بكيلها أو أوفى، فان واجب خطتنا يقضي علينا باقتسام الأعمال، احدنا يقوم بالتحرير الحار، والأخر بالتحرير المعتدل، والثالث بالتعليم وهكذا.
وفي هذا اليوم قرأت بافتتاحية الشهاب عدد 97 مقالا لخطيب السلفيين وكاتبهم وشاعرهم الشيخ الطيب العقبي تحت عنوان: ((بل نجيب ولعنة الله على الكاذبين)) فألفت هذا العنوان نظري بنوع خاص واستعجلني لقراءته وتقديمه على ما كنت مشتغلا به.
واذ به يباهل سكيرج التيجاني بالأمس والعليوي! اليوم، ولا ادري ماذا يكون غدا، فان لسان حاله ينشد:
يوما يمان إذا لقيت ذا يمن ... وان لقيت معديا فعدناني
ثم قرأت تعليق الأستاذ عبد الحميد عليه فأحببت ان أضم صوتي لصوتهما، وان كنت اعلم أن جميع السلفيين يضمون أصواتهم لخطيبهم، صرحوا بذلك أم لم يصرحوا، وإنما اخترت التصريح لأنا – كما لا يخفى – من علماء الظاهر.
فها أنا مرافق للأستاذين على نص المباهلة وزمانها ومكانها.
وأرجو – رجاء محب لمصلحة الجزائر- أن يجمع الطرقيون أمرهم وشركاءهم، ويعلمونا بقبولهم للاجتماع في ذلك الزمان والمكان عسى أن تنتهي هذه المعركة التي يسوء كل عاقل وجودها بله دوامها، وتزول الضرورة الداعية إليها.
¥