وارتبط بهذه القرية التاريخية، بحيرةُ نستروه، وجزيرةُ نستروه.
أما الجزيرة فيقول عنها صاحب معجم البلدان:
"نستروه ... جزيرة بين دمياط والإسكندرية، يصاد فيها السمك، وعليهم ضمان خمسين ألف دينار، وليس عندهم ماء، وإنما يأتيهم في المراكب فإذا لاحت لهم مراكب الماء ضربوا بوق البشارة سرورًا، ثم يأتي كل رجل بجرته يأخذ فيها الماء ويحملها إلى بيته " [20].
وأما البحيرة فيقول عنها القلقشدني (756ـ 821هـ):
" بحيرة نستروه .. هي بحيرة ماء ملح، بالقرب من البرلس في آخر بلاد الأعمال الغربية ... متسعة الأرجاء إذا توسطها المركب لا ترى جوانبها لعظمها لبعد مركزها عن البر، وبالقرب منها قرية تسمى نستروه، وهي التي تضاف إليها، وداخلها قرية أخرى تسمى سنجار لا زرع فيهما ولا نفع، وليس بهما غير صيد السمك، وهي الغاية القصوى فيما يتحصل من المال.
وقيل: يبلغ متحصل صيد سمكها في كل سنة فوق عشرين ألف دينار مصرية وليس يساويها بحيرة من البحيرات في ذلك.
قلت (أي القلقشدني): وأخبرني بعض مباشريها أنها في زماننا قد تميز متحصلها عن ذلك نحو مثله للاجتهاد في الصيد وكثرة الضبط وارتفاع السعر" [21].
قضاء البرلس
ولما كانت للبرلس مكانتها بين أقاليم مصر ـ سواء في العهد الروماني أو في العهد الإسلامي ـ؛ كان لها القدح المعلى في القضاء، فاشتهرت البرلس بكثرة قضاتها، وكان بها دارٌ للقضاء مشهورة بين أقاليم مصر.
قال السمعاني:
" كل من ولي قضاء البرلس ولي قضاء مصر .. حتى أن القاضي إذا ولي البرلس صار الناس يهنئونه بقضاء مصر! " [22].
حصون صلاح الدين بالبرلس
ولأهمية البرلس الجهادية أنشأ بها القائدُ العظيم صلاح الدين الأيوبي؛ حصنين كبيرين لحماية السواحل من غارات الصليبيين، وقد عُرف أحد الحصنين باسم "البرج "، واقترن هذا الاسم على مر السنين بالبرلس، حتى عرفت قرية "برج البرلس" بهذا الاسم نسبة لهذا الحصن.
أما موضع الحصن الثاني فكان بموضع طابية عربي الآن، وقد قام الخديوي إسماعيل بترميم هذا الحصن عام 1882م، وتبلغ مساحته 122500 متر مربع، وصارت بعد ذلك موضع وحدة مدفعية تابعة للمجاهد الإسلامي الكبير أحمد عرابي [1841 - 1911م] لذا عُرفت باسمه.
وكانت قلعة حربية قديمة من سلسلة التحصينات العسكرية التي أُقيمت لحماية مصر من الغزو البحري عبر البحر الأبيض المتوسط.
معركة الملك الكامل في البرلس [617هـ]
كانت البرلس ـ حرسها الله ـ مستهدفة دومًا من الصليبيين، فقد كانت بوابة رئيسية للغزاة القادمين من البحر الأبيض المتوسط (البحر المالح)، وقد حدثت مقتلة تاريخية عظيمة على أرض البرلس، بين الملك الكامل ناصر الدين الأيوبي والفرنج، " فنصره الله وقتل من الفرنج عشرة آلاف وانهزموا " [23].
"وكانت هذه المعركة في [رجب] [24] سنة سبع عشرة وستمائة 617هـ، وكانت من الوقعات العظيمة، المشهورة، وغنم المسلمون خيولهم وسلاحهم " [25].
والملك الكامل (ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب) هو سادس ملوك الدولة الأيوبية ولد سنة 567 هـ وتوفي سنة 635هـ.
فنار البرلس
يعد " فنار البرلس " من أقدم الفنارات بمصر، وهو الفنار الوحيد المتبقي من مجموعة أنشأها الخديوي عباس، وقد أُنشىء فنار البرلس عام 1869 م على ارتفاع ستين مترًا، وقد صممه عدد من المهندسين الفرنسيين والإنجليز، والفنار الآن في عُهدة هيئة الآثار بالقرار الوزاري رقم 463 لسنة،1998، ويقع الفنار الآن في حدود قرية " الشيخ مبارك" التابعة لمركز البرلس [26].
نابليون يدرك خطورة البرلس:
ولأهمية البرلس أيضًا؛ أوصى القائد الصليبي " نابليون بونابرت " ـ لعنه الله ـ بضرورة إنشاء برج عسكري لصالح الحملة الفرنسية على مصر (1798 ـ1801م)، ذكر ذلك صراحة في رسالة بعث بها بعد رحيله من مصر إلى خليفته الهالك " كليبر " [27]، يقول في ختامها: «ستظهر السفن الحربية الفرنسية بلا ريب هذا الشتاء أمام الإسكندرية أو البرلُّس أو دمياط، يجب أن تبني برجاً في البرلس " [28]!!!.
معركة البرلس 4نوفمبر 1956 م
¥