تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لابن دقيق العيد" ـ أعلم أهل مصر في زمانه ـ[48].

ثم انتقل الشيخ " علي بن أبي بكر البلطيمي" إلى مجلس الشيخ " البدر بن العصياتي" ـ من علماء حمص ـ فاستزاد منه في علوم الفقه والفرائض والنحو، وأخذ عنه إضافة إلى ذلك " علم الحساب " [49].

تغيب الشيخ " علي " عن البرلس طويلاً؛ فضل أن يمكث في الشام لمواصلة طلب العلم، فلما انقطعت أخباره عن أهله بالبرلس، قدم عليه أبوه فرده إلى البرلس، فلم تطب له فانتقل بأبويه إلى القاهرة، فطلب علم الأصول هنا، ثم سافر بأمه ـ وقد طلقها أبوه ـ وبأخوته إلى دمشق، ثم إلى "بعلبك " [50]، فبحث في الفقه على يد الشيخ " البرهان بن المرحل "، واستأنف دراسة النحو على الشيخ " الشهاب بن القعوري،"، و" الشمس بن الجوف"؛ يطلب منهما النحو ـ فجزاه الله عن العربية خيرًا، ثم طلب علم الفرائض والمواريث على الشيخ " القطب بن الشيخ"، وحضر مجلس "ابن البحلاق " في التفسير، وسمع الحديث الشريف على الشيخ " التاج بن بردس"، ثم رجع إلى دمشق؛ فاشتغل بدراسة كتاب " جامع المختصرات" ـ وكان مغرمًا به ـ وكان يبحث فيه بإشراف الشيخ " التاج بن بهادر " على مدار سنة تقريبًا [51].

ثم قدم القاهرة في سنة 860هـ، فتم عشرين سنة يطلب العلم فيها بالديار الشامية!!

هذه رحلته في طلب العلم.

أما رحلته في الجهاد، فقد كان من أجناد جيش المسلمين، وشارك في فتح " ورنة "، وفتح "لوشا"؛ ببلاد الرومان، وقاتل لفتح مدينة القسطنطينية ـ المشهورة الآن بإسلام بول ـ " [52].

وقد كان الشيخ " علي بن أبي بكر البلطيمي" شاعرًا مجيدًا، وله قصيدة سائرة امتدح فيها امتدح ابن مزهر ـ و كان ناظر الإسطبل ـ بقصيدة أولها:

ثوى بين أحشائي هوى غادة لها ... قوام كغصن البانة الخضل النضر

وكان الشيخ " علي " ـ رحمه الله ـ يحفظ شعراً كثيراً، وله محاضرات أدبية حسنة، وكان رحمه الله رقيق القلب، لطيف الخُلق، وقد طلبه "نائب دمشق " في حدود سنة 864هـ، للانتفاع بعلمه فقد كان رحمه الله موسوعة متحركة تمشي على الأرض، فسافر إليه؛ ومات بدمشق في 874هـ، ـ فرحمه الله رحمة واسعةـ[53].

يعقوب بن محمد بن صديق البرلسي (ت 883هـ)

يعقوب بن محمد بن صديق، البرلسي، أبو أحمد، وأحد أعيان التجار. كان أبوه جَمَّالاً، فأخذ "يعقوب" عن أبيه تجارة المواشي والجمال؛ وتزوج من سيدة غنية حسيبة نسيبة؛ فماتت عنه؛ فورث عنها مالاً كثيرًا وعقارات، ثم خرج مجاهدًا في سبيل الله مع جيش المسلمين لقتال الصليبيين، ثم أسره الصليبييون، فعاد من حبسه وقد وجد أولاده قد أتلفوا مالاً كثيرًا، فرحمه الله على جهاده وصبره [54].

قبل موته، كتب وصية لصهره (حماه)، وأسند إليه أن يتصرف في بعض أمواله في وجوه الخير، بيد أن أولاده استبدوا بالأمر ومنعوا الصهر [55].

وقد كانت وصيته: أن يتبرع للدولة عشرة آلاف دينار لوجوه الجهاد والخير، أوصى بنحو ألفي دينار لأعمال البر؛ فألفٌ يشتري بها عقاراً وقفًا لله تعالى لتعليم القرآن الكريم لأبناء المسلمين، وستمائة دينار توزع نقدًا على الفقراء، كما أوصى بأربعمائة دينار لفقراء الحرمين، تُرسل إلى الحجاز، وتُقسم بينهم بالسوية، فرحمه الله رحمة واسعة [56].

كان ـ رحمه الله ـ مديماً للتلاوة، والعبادة، محباً في الصالحين، مع حسن العشرة والمعاملة والتواضع وصدق اللهجة وعدم التبسط في معيشته. مات في ذي الحجة سنة 883هـ[57].

- شهاب الدين ابن الأقيطع (ت 901هـ):

أحمد بن يوسف بن علي بن محمد بن عمر بن عثمان بن إسماعيل، الشهاب، البرلسي، المالكي [(819 - 901 هـ) (1416 - 1460 م)]، ولد بالبرلس، ونشأ بها، وتعلم الفقه على الشيخ " علي المنطرح"، ثم على الفقيه " علي بن محمد بن علي الحسيني"، وحفظ كتاب " جامع الأمهات" لجمال الدين عثمان ابن الحاجب ـ وهو من أمهات الفقه المالكي ـ، وحفظ أكثر " مختصر الشيخ خليل " ـ وهو في الفقه المالكي ـ، وحفظ " ألفية ابن مالك "، بكمالها، وكذا الشذور للحنفي، وأخذ الفقه عن الشيخ " محمد الرياحي المغربي " ـ تلميذ ابن مرزوق ونزيل البرلس ـ، فلما توفي الشيخ الرياحي؛ توجه " ابن الأقيطع " إلى القاهرة، لمواصلة طلب العلم، ثم حج، ثم دخل دمياط، ثم الإسكندرية، ثم المحلة، ينشر العلم، ويُقرأ الناس، ويدعو إلى الله فانتفع به خلق كثير [58].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير