تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان طلاب العلم يأتونه من الشام وتونس والمغرب، وذكر السخاوي من تلامذته: "محمد بن عبد الله بن يوسف بن عبد الحق الفاضل، أبو عبد الله، التونسي، المالكي ".

وكان " ابن الأقيطع" ـ يرحمه الله ـ يشرح لطلابه: الرسالة للإمام الشافعي، ومختصر ابن الحاجب ـ في أصول الفقه ـ، ويشرح لهم ألفية ابن مالك ـ رحمه الله ـ، ويشرح لهم كتاب مصباح الأرواح للإمام البيضاوي ـ وهو في أصول الدين ـ، وإضافة إلى ذلك: يشرح لهم بعض الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، ومسائل علم المواريث، ومسائل من الجبر والحساب، ونكات من اللغة العربية الشريفة، ولطائف في علوم المعاني والبيان والبديع [59].

وكان ـ رحمه الله ـ ممن يفتي الناس على المذاهب الأربعة بما يناسب حال المستفتي، لاسيما إذا كان من العوام الذين لم يلتزموا مذهباً معيناً لعدم معرفتهم بنصوصه وقواعده [60]!

له مؤلفات منها: نزهة النظار في المواعظ والأذكار في مجلدين، النخبة السنية في شرح القصيدة الهمزية في المدائح النبوية بمجلدين، وله منظومة في الفرائض (المواريث).

قال عبد الوهاب الشعراني صاحب كتاب العهود المحمدية:

"وقد وقع للشيخ شهاب الدين بن الأقيطيع البرلسي ـ رضي الله عنه ـ أنه كان ينسج، فدخل عليه شخص من قطاع الطريق وجماعة الوالي وراءه يطلبونه فقال للشيخ: " خبيني " فقال: ادخل تحت رجلي فنزل، فجاء جماعة الوالي للشيخ فقالوا هل رأيت فلانا؟ فقال:نعم، فقالوا: أين هو؟ فقال: تحت رجلي، فضحكوا، وتركوه، وقال لقاطع الطريق: الصدق ينجي" [61].

...

ها، قد رأيتَ هذه النبذة عن " البرلس " .. هذه النبذة الخفيفة تجعلنا أن نقول بكل ثقة: "إن البرلس إسلامية التاريخ، إسلامية الحضارة، إسلامية العلم والأدب".

وهذه هي النتيجة العامة التي وصلت إليها هذه الورقة التي بين يديك.

أما عن النتائج التفصيلية فمنها:

ـ أن أهل البرلس وبلطيم كانوا مختلطين بالصحابة والمجاهدين والعلماء، فجاهدوا معهم، وتعلموا منهم.

ـ أن أهل البرلس وبلطيم كان منهم من أوقف أوقافًا خيرية، من عقارارت ومدارس وصدقات، في بلاد الحجاز، وغيرها ـ يدلك ذلك على السمة السائدة بين أغنياء هذا العصر من خير وفضل، وبذل وعلم.

ـ كان الواحد من أهالي بلطيم والبرلس؛ يُؤثَر عنه؛ رحلاتٍ في طلب العلم، ورحلاتٍ في الجهاد والرباط عند الثغور. وحسبك قصة " يعقوب بن محمد بن صديق البرلسي (ت 883هـ) ".

ـ كان الواحد من أهالي البرلس؛ يذهب إلى القاهرة يطلب العلم عند الإمام السخاوي أو غيره، ثم يرجع البرلس فيرسل ولدًا بعد ولد إلى القاهرة، يطلبوا العلم عند العلماء والفقهاء والقراء، فلا يكاد يخلو بيتًا من عالم أو طالب علم.

ـ وعلمتَ أن عددًا من الصحابة قُتلوا على أرض البرلس، وعلمتَ أن المؤرخين ما كانوا ليذكروا " البرلس " إلا بلفظ " ثغر البرلس"؛ ذلك لتعلمَ أن البرلس بقعة مناضلة، وبلدة مجاهدة، وصَقعةٌ مباركة.

ـ وأنه قُتل على أرض البرلس وبلطيم نحو عشرة آلاف من الصليبيين ـ كما تقدم ـ، وهو مجد عظيم، وعز تليد، وفخر منيف، قلما تجده في بقعة من البقعاع الأخرى.

ـ إن دار القضاء التي كانت في البرلس، كانت ترنو إليها أفئدة الخاصة والعامة؛ لتبين لك مدى المكانة الإقليمية التي بلغتها البرلس في العصر الإسلامي، وأنها بقعةٌ كانت موضع تقدير واهتمام من أولي الأمر.

نقلاً عن مجلة الوعي الإسلامي، عدد جمادى الأولى 1430م


** باحث وداعية مصري، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المشرف العام على موقع نبي الرحمة.
[email protected]

[1] الثغر هو الموضع الذي يكون حَدّا فاصلاً بين الوطن والعدو، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد
[2] هو الإمام المؤرخ الشافعي محمد بن عبد الرحمن بن محمد، شمس الدين السخاوي [831 ـ902هـ] أصله من مدينة سخا بمحافظة كفر الشيخ، انظر [الأعلام للزركلي 6/ 194]
[3] السخاوي: الضوء اللامع (5/ 335)
[4] البلدان (1/ 42)
[5] وفي فضل المرابطة على الثغور يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ؛ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ" (مسلم: 3537 عن سلمان)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير