تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فما رأيك يا شيخنا ابن معين؟ المتقدمون أنفسهم يختلفون بسبب اختلاف معاييرهم لا بسبب نقص اطلاعهم. أي لا يمكنك القول أن السبب هو أن كل الأئمة جهلوا حال خشف، وعرف النسائي عنه ما يفيد التوثيق. هذا لا يعقل لأنه من كبار التابعين (الطبقة الثانية، وهم على رأي العوني الاصل فيهم أنهم ثقات). فالذين تقدموا على النسائي أقرب منه وأعلم بحديثه (القليل جداً فلا يحتاج لكثير من السبر!). والدراقطني بالتأكيد قد اطلع على توثيق النسائي لكنه لم يعتد به لأنه يعلم أن مقاييس رفع الجهالة عند النسائي هي غير مقاييسه هو.

فأيهما نعتمد؟ هل نكون دوماً مع التوثيق مغمضين أعيننا عن كل ما سبق وقائلين بأن من وثق معه زيادة علم؟ فلماذا تأخذ بتوثيق النسائي ولا تأخذ بتوثيق العجلي وابن حبان؟!

خذ هذا المثال:

العالِية بنتُ أيْفَع بن شراحيل روى عنها زوجها أبو إسحاق السبيعي وابنها يونس. وهما من هما في الثقة والمعرفة. إنظر: الثقات 5\ 289 وطبقات ابن سعد 8\ 487 وتكملة الإكمال 4\ 91

وقد قال عنها العجلي في معرفة الثقات (2\ 455): مدنية تابعية ثقة.

ومع ذلك جهّل حالها الشافعي ورفض العمل بحديثها بخلاف الجمهور. وطلب من مناظره أن يأتيه بدليل على توثيقها! وقال غيره هذا الحديث حسن ويحتج بمثله لأنه قد رواه عن العالية ثقتان ثبتان أبو إسحاق زوجها ويونس ابنها ولم يعلم فيها جرح والجهالة ترتفع عن الراوي بمثل ذلك ثم إن هذا مما ضبطت فيه القصة ومن دخل معها على عائشة وقد صدقها زوجها وابنها وهما من هما فالحديث محفوظ.

وفي كتاب "إيثار الإنصاف" (ص301): العالية امرأة معروفة جليلة القدر روى عنها ابو حنيفة وسفيان والحسن بن صالح ومجاهد والشعبي وفقهاء الكوفة. وذكرها ابن سعد في الطبقات فقال الغالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة رضي الله عنها وخرج عنها الطحاوي وغيره وعمل بحديثها أهل المدينة والعراق حتى قال مالك واحمد (قلت وأبو حنيفة) رضي الله عنهما بقولنا تلقيا بهذا الحديث وهما مقلدان في الباب.

هذا مع العلم أن مالك قد أخرج حديثها في الموطأ برواية ابن وهب كما ذكر القرطبي. وهو الكتاب الذي يقول الشافعي أنه أصح كتاب بعد القرآن!!

تناقض ما لنا إلا السكوت عنه. أما الذي لا نسكت عنه:

الدارقطني (الشافعي المذهب) جهّلها كذلك رغم أنه نص أعلاه على أن من روى عنه ثقتين يصبح معروفاً. وشنّع عليه ابن الجوزي، وقال في التحقيق (2\ 184) أنها: امرأة جليلة القدر معروفة.

مثال آخر أيضاً:

نافع بن محمود بن الربيع. روى حديثاً يؤيد فيه مذهب الشافعي في القراءة خلف الإمام. والحديث شاذ فإنه قد خالف فيه الزهري عن عبادة بن الصامت.

ومع ذلك قال الدارقطنى لما أخرج الحديث: هذا حديث حسن و رجاله ثقات!!

وقال أبو محمد عبد الحق: ونافع بن محمود لم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم ولا أخرج له البخاري ومسلم شيئا.

وقال فيه ابن عبد البر: مجهول.

فهل ابن عبد البر لم يشاهد ما كتبه الدراقطني كذلك؟ وهل غاب هذا الراوي لحديث مشهور عن كل أئمة الحديث فلم يترجموا له؟

أما المسألة اختلاف مناهج؟

ـ[ابن معين]ــــــــ[20 - 12 - 02, 10:12 م]ـ

أخي الفاضل: محمد الأمين ..

أشكر لك تواصلك في التعقيب، وحسن حوارك، وأرجو أن تعقب على كل مسألة أوردها لك حتى نخرج من هذا النقاش بثمرة طيبة.

ولهذا فإني قد أطيل في الرد وأوضح الكلام فيه من أجل الفائدة بيننا وبين من يقرأ هذا الكلام من رواد المنتدى

أولاً: مِمَّا استدللت به على تساهل النسائي توثيقه لبعض الرواة قليلي الحديث، وقد ذكرت لك أنه لم ينفرد بهذا الأمر، بل هذا قد وقع من كل أئمة الحديث المتقدمين تقريباً، وذكرت لك أمثلة على ذلك من أئمة الحديث الذين ترى أنت أنهم من المتشددين في هذا الباب كالقطان وأبي حاتم الرازي وغيرهم، فما رأيك؟

أظن أنه ينبغي عليك مراجعة تقسيمك للمذاهب في توثيق قليل الحديث الذي ذكرته في سؤالك للشيخ حمزة.

ثانياً: مما استدللت به على تساهل النسائي أيضاً توثيقه لبعض المجاهيل، وقد ذكرتُ في تعقيبي السابق الجواب على هذه المسألة المهمة، وأرى أنه لا بد أن نقف عندها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير