وابن حجر نسباه إلى التشدد، فقال الذهبي: وحديث الحارث _ (يعني ابن عبد الله لأعور) – في السنن الأربعة، والنسائي مع تعنته في الرجال فقد احتج به، وقوى أمره، والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب (1).
وقال أيضا: وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول:وابن وهب وثقه (2).
وقال أيضاً مالك بن دينار ... فهذا النسائي قد وثقه، وهو لا يوثق أحداً ألا بعد الجهد (3). وقال ابن حجر: أحمد بن عيسى التستر ي ... وقد احتج به النسائي مع تعنته (4) وأشرع بعد هذا التقديم في الحديث عن منهج النسائي في التوثيق والتعديل (5) فأقول: تعددت أقوال أبي عبد الرحمن في توثيق الرواة وتعديلهم حسب اختلاف درجاتهم، ودونك ألفاظه (6) فيهما منسقة، بادئاً بالأوثق، ثم من يليه في المنزلة، وهكذا فصباً:
ثقة ثبت مأمون (7)،ثقة مأمون أحد الأئمة (8)،ا لثقة المأمون أحد الأئمة (9)،ثقة ثبت (10) ,ثبت ثقة (11) , ثقة مأمون صاحب حديث (12) ,
ثقة مأمون (1) ,أحد الأئمة (2)، أحسن الأسانيد التي تروى عن رسول الله ? أربعة (3) .. وهؤلاء أهل الثبت والعدالة مشهورون بصحة’ النقل (4)، ليس أحد من كبار التابعين أحسن رواية عن الصحابة من ثلاثة (5)، لم يكن في عصر أحمد مثل هؤلاء الأربعة (6) ... ، فلان أثبت وأحفظ من فلان (7) ,فلان أثبت من فلان (8)،فلان أجل من فلان (9).– ثقة صدوق (10)،
ثقة حافظ للحديث (1)،ثقة أمين (2)،أحد الثقات (3)،كان ثقة (4)،
كان أحد النبلاء (5)، ثقة (6)،،من الثقات (7).
ثقة إلا أنه كان يميل إلى الإرجاء (8)،ثقة إلا أنه مرجئ (9)، لا بأس به ... صدوق (10)، صدوق لا بأس به (11)، صالح لا بأس به (12)، ما علمت فيه إلا خيراً (13)، ليس به بأس (14)،
لابأس به (1)،صد وق (2) ما أعلم به بأساً (3)،مستقيم الحديث (4)،صالح (5)،صالح الحديث (6).
صويلح (7)، أرجو أن لا يكون به بأس (8)، ليس بحديثه بأس،ليس بذاك القوي (9).
فهذه هي عامة أقوال النسائي في التوثيق والتعديل نظمتها على ست درجات، ودونك دراسة ما ينبغي دراسته منها، فأقول:
إن أشهر الصيغ التي استعملها النسائي في أعلى درجات التوثيق هما كلمة: ثقة ثبت وكلمة: ثقة مأمون.
فالكلمة الأ ولى استعملها غالب النقاد، وأما الأ خري فليست كالأولى في الشهرة عندهم. ومن أرفع عبارات التوثيق عند النسائي أيضا قوله في بعض الرجال: أحد الأئمة وهذه الكلمة ونحوها_ يستعملها طائفة من النقاد المتأخرين للإشارة إلى كثرة علم المتصف بها مع استقامة أو صلاح أمره في الجملة، ولا يتقيدون بإطلاقها في الثقات الإثبات، لذا قد يكون الرجل عندهم إماماً وفيه مقال.ومع اهتمام أبي عبد الرحمن في كثير من الأحيان باختيار اللفظ المناسب لوصف الإثبات من الثقات فإنه لم يلتزم هذا الأمر في جميعهم حيث اقتصر في جماعة كبيرة منهم على قوله فيهم: ثقة. فمنهم إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي، وبشر بن المفضل الرقاشي، وبهز بن أسد العمي وحبان بن هلال البصري، وحبيب بن الشهيد، ورجاء بن حيوة. كما أن النسائي قال في بعض الرجال: ثقة مأمون ولم يتبين لي وجه رفعهم عن درجة: ثقة. بل إن أبا عبد الرحمن أفرد هذه العبارة الأخيرة فيهم، وهم: أحمد بن محمد بن المغيرة العوهي، وإبراهيم بن أدهم الزاهد.وأما كلمة: ثقة صدوق فقد قالها النسائي في رجلين كما تقدم، ولا شك أنها عنده أرفع من كلمة: ثقة مفردة. ولعلها تضاهي عبارة: ثقة مأمون.وأما كلمة: ثقة أمين فإن أبا عبد الرحمن قالها في رجل واحد كما تقدم، ولم أر ما يدل على ارتفاعه عن درجة: ثقة. لكن لما زاد النسائي على هذه الكلمة الأخيرة وصفاً مادحاً استحق ذلك الكلام المجموع الرفعة على المفرد.
ولعل كلمة: أحد الثقات أرفع عند النسائي من كلمة: ثقة لأن عامة استعماله لها في الكبار (1)
وأكثر عبارات التوثيق والتعديل استعمالاً عند أبي عبد الرحمن كلمة: ثقة (2).
ثم ليس به بأس.
ثم لابأس به.
وقد وضعت العبارتين الأخيرتين في درجة أعلى من درجة: صدوق لأن أكثر الذين قال فيهم النسائي: ليس به بأس و: لابأس به هم ثقات مطلقاً.
بل إنه قال في جماعة كبيرة منهم في موضع أخر ثقة (3):ورغم هذا فإني لا أجرؤ على وضع هاتين العبارتين في وصف كلمة ثقة.
¥