تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا القول من الخطيب هو الأصل الذي عليه الأكثرون (). وقد توسع في تحقيق هذه المسألة بعض الأئمة المتأخرين كابن القطان، والذهبي، وابن حجر، مقررين ارتفاع الجهالة وثبوت العدالة لمن زكاه أحد أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه، قال ابن حجر: "فإن سمي الراوي وانفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين كالمبهم – (يعني مثله في عدم قبول حديثه) – إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، وكذل من ينفرد عنه إذا كان متأهل لذلك" ().

وأما مجهول الحال فهو على قسمين أيضاً:

1 - مجهول الحال في العدالة ظاهراً وباطناً: وهو من عرفت عينه برواية عدلين عنه إلا أنه لم يصرح بتزكيته، ولم يُعلم عدم المفسق فيه. وروايته غير مقبولة عند الجمهور.

2 - مجهول الحال في العدالة باطناً لا ظاهراً، ويسمى المستور: وهو من عرفت عينه برواية عدلين عنه، وعلم عدم المفس فيه، لكن لم يصرح بتزكيته. وقد قبول روايته جماعة من الأئمة.

وأشرع الآن في الكلام عن منهج النسائي في التجهيل فأقول: إن لأبي عبد الرحمن رسالة مفردة في تسمية من لم يرو عنه غير رجل واحد. وليس بلازم عنده أن يكون الموصوف بذلك مجهولاً، لأنه ذكر بعض الرجال في تلك الرسالة، وأطلق القول بتوثيقهم في موضع آخر – ينظر ترجمة ثابت بن قيس الزرقي، وخُليد بن جعفر الحنفي -، لذا أثبت من هذه صفته في قسم التوثيق، وأما من لم يذكرهم إلا في الرسالة المشار إليها فإني أدرجتهم في قسم التجهيل وإن لم يكونوا جمعياً من المجهولين حقيقة.

وقد أشار الذهبي إلى طريقة النسائي في تزكية جماعة ممن لم يرو عنهم غير واحد فقال: "أبو هند البجلي عن معاوية لا يُعرف، لكن احتج به النسائي على قاعدته، روى عبد الرحمن بن أبي عوف عنه" ().أي أن قاعدته الاحتجاج بمن لم يرو عند إلا واحد إذا تبينت له ثقته. وأقر النسائي على ذلك جماعة من المحققين منهم الذهبي إذا قال في ترجمة أسقع بن أسلع: "ما علمت روى عنه سوى سُويد بن حجير الباهلي، وثقه مع هذا يحيى بن معين، فما كل من لا يُعرف ليس بحجة، لكن هذا الأصل" (). وقال أيضاً في ترجمة أبو عُمير بن أنس بن مالك: "تفرد عنه أبو بشر، قال ابن القطان: لم تثبت عدالته. وصحح حديثه ابن المنذر وابن حزم وغيرهما، فذلك توثيق له" (). وقال ابن حجر في ترجمة أحمد يحيى بن محمد الراني: "بل يكفي في رفع جهالة عينه رواية النسائي عنه، وفي التعريف بحالة توثيق له" (). وقال السخاوي: "وبالجملة فرواية إمام ناقل للشريعة لرجل ممن لم يرو عنه سوى واحد في مقام الاحتجاج كافية في تعريف وتعديله " (). فدل هذا على صنيع النسائي ليس بشاذ، وإنما هو رأي فريق جليل من المتقدمين والمتأخرين.

وألفاظ التجهيل عند أبي عبد الرحمن () هي: مجهول لا نعرفه ()، مجهول ()،

لا أعرفه ()، ليس بالمشهور ()، لا أدري ما هو مجهول ()، لا نعلم أحداً روى عنه غير فلان ()، لا أدري ما هو ()، لا علم لي به ()، ليس لي به علم وقد كتبت عنه ()، كتب عنه ولم أقف عليه ().

ودونك دراسة هذه الألفاظ من خلال القسم المقرر وغيره: أكثر عبارات التجهيل استعمالاً عند النسائي هي: لا نعلم أحداً روى عنه غير فلان،نحوها، ثم لا أعرفه، ثم ليس بالمشهور، وكذلك مجهول، ثم ليس بمعروف، وكذلك ليس بذاك المشهور، وكذلك ليس بمشهور، وكذلك لا أدري ما هو، ثم باقي العبارات التي وردت مرة واحد وقد سبق ذكرها في المتن والحاشية.

فالذين اقتصر النسائي على إيرادهم في رسالته " "تسمية من لو يرو عنه غير رجل واحد" من القسم المقرر للدراسة هم أربعة فقط، أولهم بُجبر بن أبي جبر، وهو مجهول العين لكونه لم يرو عنه إلا واحد ولم يوثق ولم يجرح. ولا يغتر بذكر ابن حبان له في الثقات لأنه أدرج فيه جماعات كبيرة ممن لم يرو عنه إلا واحد ولم يعرف بجرح ولا تعديل. ويبدو أن جهالة العين ترتفع عنده برواية واحد، ويرى أيضاً أن انتفاء الجهالة مستلزم لثبوت العدالة فيمن لم يتبين فيه جرح أو نكارة في حديث – لكن لا ترتفع الجهالة عنده برواية واحد ضعيف -. فهذا المسلك من ابن حبان لم يرتضه أكثر النقاد المحققين لما فيه من تساهل عجيب. وما الرجل الثاني: فهو حُميد بن مالك، وقد روى عنه جماعة خلافاً لما زعم النسائي، وهو معروف عند الأئمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير