تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولم يتفرد أبو عبد الرحمن بالاستعمال المذكور لكلمة: "ليس بالقوي". بل سبقه إلى نحوه بعض الأئمة. قال الذهبي: "وبالاستقراء إذا قال أبو حاتم: ليس بالقوي. يريد بها أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت" (). واحتاط البعض فاستعمل تلك العبارة في الضعفاء والمتروكين. قال الذهبي أيضاً: "والبخاري قد يطلق على الشيخ: ليس بالقوي. ويريد أنه ضعيف" (). وقد تقدم في ترجمة سعد بن طريف وغيره أن البخاري وأبا أحمد الحاكم استعملا كلمة: "ليس بالقوي عندهم " في جماعة من المتروكين.

وأما عبارة النسائي: "منكر الحديث" فإني تحريت الدقة في دراستها دون تقيد بالقسم المخصص للبحث والمقارنة، واستعمال النسائي لها على ثلاثة أنواع: الأول: إفراده لها في الحكم على بعض الرواة دون أن يذكر فيهم شيئاً آخر. الثاني: دمجها مع عبارة أخرى ف قول واحد. الثالث: تعدد أقوال أبي عبد الرحمن في جماعة ممن قال فيهم تلك العبارة. وقد أفردها في أحد عشر رجلاً، ودمجها في أربعة، وتعددت أقواله في أثنى عشر رجلاً. فالذين أفردها فيهم: خمسة منهم مطروحون، وستة فوق ذلك أكثرهم ضعفاء، وواحد منهم ثقة، وقد تقدم في ترجمة هذا الرجل وهو جابر بن عمرو الراسبي أن أبا عبد الرحمن أراد – فيما يبدو – بقوله فيه: منكر الحديث، حديثاً واحداً، أو الإشارة إلى مجرد التفرد. لذا ينبغي إخراج جابر من تعداد الذين أفراد النسائي فيهم تلك العبارة، لأنه لم يرد في الحقيقة تضعيفه، والكلام هنا فيه. وعلى هذا يكون عدد المطرحين مثل العدد الآخر، فيتعذر الترجيح في هذا النوع إذا استقل عن غيره، وسيتوجب الأمر النظر في النوعين الآخرين. وعبارات النسائي في الدمج هي: "منكر الحديث ليس بثقة" في رجل، و: "منكر الحديث متروكه" في آخر و: "ليس بثقة منكر الحديث" في رجلين. فهذا يرجع جانب إرادة الاطراح بعبارة: "منكر الحديث". ويزيده رجحاناً أن غالب الذين تعدد قول أبي عبد الرحمن فيهم صرح في المواضع الأخرى بتركهم واطراحهم، وهم كما قال.

ولا يفوتني هنا التنبيه إلى أن النسائي قد يطلق النكارة على التفرد. قال ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 674: "فقد أطلق الإمام أحمد، والنسائي، وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم الحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده".

وأما قول النسائي: " لا يعجبني حديثه" فإنه لم يستعمله في القسم المخصص للدراسة وفي غيره إلا في تمام بن نجيح وهو ضعيف جداً فيما ترجع لي لذا وضعت تلك العبارة في مرتبة متأخرة عن مرتبة: ضعيف، وإن كان من المحتمل أن يكون فيها، لأن تماماً مختلف فيه بين التوثق والتعديل من جهة، والتجريح والتليين من جهة أخرى.

وأما قوله: "ضعيف الحديث لا يكتب حديثه" فإنه استعمله بهذا اللفظ في رشدين بن سعد المهري وحده، وقد قال فيه في موضع آخر:"متروك الحديث". وقال النسائي في ترجمة سعيد بن سلام العطار: "ضعيف لا يكتب حديثه". وقال فيه في موضع آخر: "ضعيف .. متروك الحديث".

وأما عبارة: "صاحب كلام لا يكتب حديثه" فإن النسائي قالها في حفص الفرد وهو هالك، ومنسوب إلى الكفر والعياذ بالله تعالى.

وأم التصريح بالتكذيب فقد استعمله النسائي في أقل من خمسة وعشرين رجلاً في القسم المقرر للدراسة وفي غيره، مع أن عدد الكذابين الذين جرحهم يربو كثيراً عن ذاك العدد. ومن هؤلاء الكذابين الذين لم يصرح النسائي بكذبهم في القسم المقرر للدراسة: إسماعيل بن أبان الغنوي، وبشر بن نمير القشيري، وخالد بن عمرو السعيدي، وخالد بن القاسم المدائني، وزياد بن ميمون الثقفي ().

وقد سبق ي منهج النسائي في التوثيق والتعديل أنه لم يكن يهتم عند توثيقه وتعديله للرواة بذكر ما يؤيد رأيه من أقوال النقاد فيهم، والحال كذلك في التجريح والتليين؛ إذ لم أجد من هذا الأمر في القسم المخصص للدراسة إلا مواضع يسيرة جداً وهي: قوله في أحمد بن صالح المصري الثقة الإمام: "ليس بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن معين بالكذب، حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف". وقال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال: " وقال الدار قطني في كتاب التجريح والتعديل – وقيل له: لم ضعف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير