تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عُد حسناً وما لم يوافق كان دون ذلك. والثاني: صدوق حسن الحديث. والثالث والرابع: كلاهما صدوق حسن الحديث في الجملة. ويزداد في الأخير: وهو ثقة صحيح الحديث إذا حدث في كتابه، لكن لما لم يفصل الأئمة بين حديثه من كتابه وحديثه من حفظه كان الحكم الأول متعيناً.

فهذه نماذج دالة على تشدد النسائي في الجرح والتليين اخترتها من التراجم التي لم يختلف قول أبي عبد الرحمن في أصحابها بين الإسقاط والتضعيف والتليين لأنها هي الميزان العادل، بخلاف التراجم التي تباين قول النسائي في أهلها، فعلى سبيل المثال من قال فيه مرة: "ضعيف"، ومرة: "ليس بالقوي"، ومرة: "ليس بثقة". إن ترجح لي أحد تلك الأقوال فيها احتمل أن يكون هو القول الآخر له، ويكون القولان الآخران منسوخين به. وقد تباينت أقوال النسائي كثيراً في جرحه وتليينه للرجال، وإليك بعض الإحصاءات في التراجم التي تعدد قول أبي عبد الرحمن في أصحابها من القسم المخصص للدراسة: فقد استعمل عبارة: "متروك الحديث" وشبهها في اثنين وستين ترجمة، وقد قال في ست منها في موضع آخر: "ضعيف". وأطلق عبارة: "ليس بثقة" في ثلاث وأربعين ترجمة، قال في إحدى عشرة منها: "ضعيف"، وفي خمس "ليس بالقوي". واستعمل عبارة: "ضعيف" وشبهها في أربع وخمسين ترجمة، وقد قال في تسع وعشرين منها في موضع آخر: "ليس بالقوي". ويحتمل أن يكون بعض تلك الأقوال غير ثابت عن أبي عبد الرحمن، كعبارة: "ليس بالقوي" في حُميد الكوفي الأعرج. وعبارة: "ضعف" في حُميد بن زياد الخراط، وسعيد بن زيد بن درهم، وقد نفى الذهبي صحة ثبوت عبارة: "ليس بثقة" عن النسائي في باذام أبي صالح فقال في سير أعلام النبلاء 5/ 37 – 38: "وقال النسائي: ليس بثقة. كذا عندي، وصوابه: بقوي. فكأنها تصفحت، فإن النسائي لا يقول: ليس بثقة في رجل مخرج في كتابه". فيبدو أن استناد الذهبي في ذاك النفي مقتصر على عدم إخراج النسائي في سننه لمن قال فيه: "ليس بثقة"، وقد أخرج أبو عبد الرحمن لباذام، وقال فيه كتاب الضعفاء: "ضعيف". وهو كما قال في هذا الكتاب. ولا ينبغي أن يعترض على الذهبي بذاك الأثر الواحد الذي أخرجه النسائي في السنن الكبرى 10 عن بكر بن بكار – وقد قال فيه في الموضع المذكور: "ليس بالقوي في الحديث". وقال في الضعفاء: "ليس بثقة" – لأنه حالة إخراجه له في السنن لم يكن عنده مهدراً، كما أنه لم يخرج له أصلاً من الأصول، وإنما أثراً واحداً في اسم أبي هريرة تعليقاً على حدث. ويمكن أن يكون سبب بعض الاختلاف إرادة النسبية، فالنسائي قال في سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري مرة: "ليس بالقوي"، ومرة: "ضعيف". وتبين لي أنه صدوق إن شاء الله حسن الحديث في الجملة. وهذا الاختيار لا يعارض قول النسائي الأول من حيث استعماله لتلك العبارة غالباً في الصدوقين ومن دونهم من أهل العدالة. وأما القول الآخر فظاهر الاختلاف مع النتيجة التي استخلصتها، لكن يُدفع هذا الاختلاف بأن قول النسائي في سعد: "ضعيف" ذكره في معرض الحديث عن الإخوة: يحيى وعبد ربه وسعد بني سعيد بن قيس. فالأول ثبت حجة، والثاني ثقة وهو دون يحيى، والأخير دون أخويه، فكأنه ضعيف بالنسبة إليهما.

ولا يمنع اشتهار النسائي بالتشدد في الجرح والتليين أن يتساهل أحياناً في الحكم على بعض الرجال، فقد قال في رشيد الهجري: "ليس بالقوي" مع أنه هالك. وينظر ترجمة جارية بن هرم، والحكم بن عبد الله بن مسلمة الخراساني، وداود بن المحبر، وغيرهم. والله أعلم.

((1) أعني بتلك الألفاظ ما قاله النسائي في مجلس واحد، ولم أجمع بين أكثر من قول له. كما أن الألفاظ المذكورة أعلاه منتقاة من القسم المخصص للدراسة والمقارنة فقط

(2) قاله في تسعة وسبعين موضعاً. وقد قال في أجلخ بن عبد الله: ليس بالقوي، وكان مسرفاً في التشيع. وقال في إبراهيم بن يوسف الحضرمي: وليس بالقوي

(3) قاله في ثلاثة رجال فقط، منهم إبراهيم بن ناجية.

(4) قاله في ستة رجال فقط، منهم إبراهيم بن يوسف الحضرمي.

(5) قاله في ستة رجال فقط، منهم إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي.

(6) قاله في رجل واحد، وهو السكسكي المذكور.

(7) قاله في البراء بن عبد الله الغنوي وحده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير