تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ولولا خشية التطويل لذكرت من ذلك جملة كثيرة لكن في التنبيه بما ذكر كفاية ولأني أكره ذكر التضمين في الشعر لكن المقصود الإعلام بأن ذلك مذكور مشهور. وأما النوع الثاني من الاستدلال وهو ما ذكره أئمة الفتوى وعلماء الأصول فقد نص القاضي أبو بكر الباقلاني أمام هذا الفن والقدوة في هذا الباب في كتاب إعجاز القرآن له على تضمين كلمات من القرآن في نثر الكلام ونظمه وذكر من ذلك جملة ولكن أشار إلى كراهة التضمين في الشعر خاصة وذلك ظاهر لإجلال كلمات تذكر في القرآن العظيم أن تساق في أوزان الشعر وجعل ذلك على سبيل الكراهة في الشعر خاصة دون المنع والتحريم، والمكروه جائز الإقدام عليه عند علماء الأصول وهذا بخلاف الكلام، وكلام مثل هذا الإمام في مثل ذلك كاف وكذلك ما ذكره القاضي عياض في شرح مسلم كما تقدم، وذكر الإمام محي الدين النووي في كتاب التبيان له فقال قال أصحابنا إذا قال الإنسان خذ الكتاب بقوة وقصد به غير القرآن فهو جائز قالوا ويجوز للجنب والحائض أن يقولا عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون إذا لم يقصدا القرآن فانظر صريح هذا النقل، وهذا إمام من المجتهدين في مذهب الشافعي بل هو في هذا الزمان عمدة المذهب في نقله وتصحيحه وقد صرح بجواز أن يقصد غير القرآن كرر ذلك في مواضع، وكذلك ذكر إمام الحرمين وهو قدوة في العلوم الفقهية والأصول الدينية، ولو بسط القول في ذلك نقلا وبحثا لاتسع جدا، وقد نص على ذلك الأئمة من المالكية والشافعية ولم أر لأحد من أئمة المذهبين في ذلك خلافا، وأما علماء البيان وأئمة الفصاحة وأهل الاجتهاد في بدائع اللسان العربي وهم من أئمة المسلمين وعلمائهم فقد أوضحوا القول في ذلك وسموه بالاقتباس ولم يكتفوا في ذلك بحكم الجواز فقط وإنما جعلوه من حسن الكلام وجيده ومعدودا في طبقات الفصاحة إذ هو عندهم من أنواع علم البديع فقد اجتمع على التصريح بالمقصود من ذلك أئمة الفتوى وأئمة الفصاحة وهو كما ترى أمر بين معلوم واضح للمتأملين والمسألة ظاهرة جلية وشواهدها من السنة وكلام السلف والخلف والعلماء والفصحاء كثيرا جدا. ومما استشهدوا به على الاقتباس مع تغيير اللفظ المنقول قول بعض المغاربة:

قد كان ما خفت أن يكونا * إنا إلى الله راجعونا

وقول الآخر:

يريد الجاهلون ليطفئوه * ويأبى الله إلا أن يتمه

ومما استشهدوا به على الاقتباس من لفظ الحديث قول ابن عباد:

قال لي ان رقيبي * سيء الخلق فداره

قلت دعني وجهك الجنة * حفت بالمكاره

وهذا لا جائز أن يكون هو الحديث أصلا بل هو موافقة في ظاهر عبارة فقط والله تعالى المسدد والهادي وهو حسبنا ونعم الوكيل انتهى جواب الشيخ داود الشاذلي بلفظه، وهو أحد أئمة المالكية وأحد محققي الصوفية أخذ التصوف عن الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والعلوم عن الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري شارح منهاج البيضاوي وعن غيره من المشايخ وله مؤلفات جيدة تؤذن بطول باع ورسوخ قدم وسعة اطلاع رحمه الله ونفعنا به.

------

انتهى النقل من الحاوي للفتاوى لجلال الدين السيوطي

اخوكم

ـ[ذات الخمار]ــــــــ[20 - 03 - 06, 08:43 م]ـ

الاقتباس أنواعه وأحكامه دراسة شرعية بلاغية في الاقتباس من القرآن والحديث

صنعة: د. عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر

قرأه على فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك

مكتبة دار المنهاج - الرياض


الاقتباس أنواعه وأحكامه
دراسة شرعية بلاغية في الاقتباس من القرآن والحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة (1)
الحمد لله العلي الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان مالم يعلم، وصلّى الله وسلّم على محمد المبعوث إلى خير الأمم، الذي نستهدي بهديه إلى الطريق الأقوم، ونقتبس من سنته العلوم والحكم، أما بعد:

فإن في المباحث البلاغية ما هو بحاجة إلى استجلاء ودرس وتحليل، إما لأهميته، وإما لكون كلام العلماء فيه قليلاً أو لتفرُّقة أو لكليهما معاً، وتعظم الحاجة إلى ذلك الدرس والتحليل إذا كان الموضوع ذا صلة بالقرآن والسنة.

ومن تلكم المباحث البلاغية المهمة، التي هي وثيقة الصلة بالقرآن والسنة " الاقتباس ".

فعلى ما كتب فيه البلاغيون وغيرهم، وما أفرد فيه من رسائل مستقلة فإن مجال القول فيه ما زال ذا سعة، ولم تكتمل جوانبه بعد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير