تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن قطلوبغا أيضاً معلقاً على قول الحافظ ((وقد غفل من سوى بينهما) قال: ((قد أطلقوا في غير موضع (النكارة) على رواية الثقة مخالفاً لغيره، من ذلك: حديث نزع الخاتم (9)، حيث قال أبو داود: ((هذا حديث منكر)) (10)، مع أنه من رواية همام بن يحيى، وهو ثقة احتج به أهل الصحيح. وفي عبارة النسائي، ما يفيد ـ في هذا الحديث بعينه ـ أنه (أي المنكر) يقابل (المحفوظ) (11). وكأن (المحفوظ) و (المعروف) ليسا بنوعين حقيقيين، تحتهما أفراد مخصوصة عندهم، وإنما هي ألفاظ تستعمل في التضعيف، فجعلها المؤلف أنواعاً، فلم توافق ما وقع عندهم)) (12).

فانظر إلى هذا (الجديد) و (التطوير) لمعاني المصطلحات، وتنبه إلى نتائج ذلك وأخطاره!!

ثم بعد ذلك في (النزهة)، عند الكلام عن الأحاديث المقبولة المتعارضة، يقول الحافظ: ((فإن أمكن الجمع، فهو النوع المسمى (مختلف الحديث) ... )) (1).

فقصر الحافظ (مختلف الحديث) في: (الحديث المقبول الذي عارضه مثله معارضةً ظاهريةً وأمكن الجمع)، كذا بقيد إمكان الجمع، كما هو واضح في كلامه.

أما ابن الصلاح قبله، فذكر في نوع (معرفة مختلف الحديث): ما أمكن فيه الجمع، وما لم يمكن مما قيل فيه بالنسخ أو بالترجيح؛ وهذا كله في (مختلف الحديث) (2)!

وهذا أيضاً هو صريح مقال وفعال الإمام الشافعي في كتابه (اختلاف الحديث) (3).

ومثله ابن قتيبة (أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة 276هـ)، في كتابه (تأويل مختلف الحديث) (4).

أما استاذي الدكتور أسامة بن عبد الله الخياط في كتابه (مختلف الحديث)، فتوسط بين الحافظ وغيره، حيث مال إلى أن (مختلف الحديث) شامل لما أمكن فيه الجمع أو الترجيح، دون النسخ (5).

على أني أعلن أن (مختلف الحديث) ليس من مصطلحات أقسام الحديث، التي كان يعبر بها عن حال المروي كـ (الصحيح) و (الضعيف) ونحوهما. وإنما (مختلف الحديث) اسم لمصنفات في شرح أحاديث شملتها صفة واحدة، هي: وقوع اختلاف أو تناقض بينهما وبين غيرها من كتاب أو سنة أو عقل صحيح، لتزيل إشكال ذلك الاختلاف وحرج ذاك التناقض.

ومثل (مختلف الحديث) في ذلك مثل (المتفق والمفترق) و (المؤتلف والمختلف) و (المتشابه في الرسم) والمزيد في متصل الأسانيد)، وغيرها، من أسماء المصنفات، التي أدخلها ابن الصلاح في أنواع كتابه، فتطور الأمر بعده، فظنت أنها مصطلحات متداولة كـ (الصحيح) و (الضعيف).

ثم ننتقل إلى مسألة أخرى، قد أشبعتها بحثاً في نحو سبع مجلدات! إنها مسألة (المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس).

وما أريد ذكره هنا أن الحافظ صرح بأن السبب من تفريقه بين: (رواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه) بتسميته (إرسالاً خفياً)، و (رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه) بحصر (التدليس) فيها؛ بين أن سبب هذا التفريق هو: ((لتتميز الأنواع)) (6)، يعني من أجل (تطوير المصطلحات)!!!

وفي هذه المسألة يتضح اعتناق الحافظ لـ (فكرة تطوير المصطلحات)، وأنه كان مؤمناً بها، لا يرى فيها ما يدعو إلى عدم السعي لتحقيقها!!

والوقوف على عجائب ذلك وغرائبه، يستلزم منك الوقوف على تلك الدراسة المطولة، المشار إليها آنفاً.

فإذا مضينا مع (النزهة)، نقف عند أنواع الطعن في الراوي، ومسمى حديث من طعن فيه بأحدها (1)؛ لتلمح (التطوير) والتحكم في ذلك من النظرة الأولى! فإذا فحصت عن ذلك ظهر لك تأكيد تلك الملامح!!

فإذا عجلت المضي في (النزهة)، يستوقفك قول الحافظ: ((فإن كان ذلك (يعني التغيير) بالنسبة إلى النقط: فـ (المصحف، وإن كان بالنسبة إلى الشكل (2): فـ (المحرف) .. )) (3).

وهذا التفريق تفريق حادث، واصطلاح خاص بالحافظ، لم يسبقه إليه أحد!!

وقد أشار بعض شراح (النزهة)

إلى أن هذا التفريق اصطلاح للحافظ دون غيره (4).

وقال الإمام العلامة المحدث أحمد بن محمد شاكر بن أحمد الشريف الحسيني المصري (1377هـ)، في حاشية تحقيقه لألفية الحديث للسيوطي، بعد ذكره لتفريق الحافظ بين (المصحف) و (المحرف): ((وهو اصطلاح جديد، وأما المتقدمون فإن عباراتهم يفهم منها أن الكل يسمى بالاسمين، وأن التصحيف مأخوذ من النقل عن الصحف، وهو نفسه تحريف)) (5).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير