[إعلام أهل الحديث بمعنى قول الإمام البخاري: " مقارب الحديث "]
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[14 - 06 - 04, 08:49 ص]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا جمع بسيط حول معنى قول الإمام البخاري في أحد الرواة: " مقارب الحديث ".
يُقال: " مقارَب " و " مقارِب " بفتح الراء وبكسرها، كما ضبطه ابن العربي في " عارضة الأحوذي "، حيث قال: " يجوز فيه بفتح الراء بمعنى أن غيره يقاربه في الحفظ، ويجز كسرها بمعنى أنه يُقارب غيره، والمعنى واحد ".
وكذا ضبطه اب سيد الناس، وابن دحية، والبطليوسي - كما في " فتح المغيث " للعراقي (ص 173)، و " فتح المغيث " للسخاوي (2/ 115) -، وابن رشيد في " رحلته " (3/ 420).
وأقره المرتضى الزبيدي في " تاج العروس " (1/ 424)، وأحمد شاكر في " التعليق على سنن الترمذي " (1/ 9).
واعترض بعض المتأخرين - كما ذكر العراقي في " التقييد والإيضاح " (ص 155) - بأن كسر الراء من ألفاظ التعديل، وفتحها من ألفاظ التجريح.
وقال البلقيني في " محاسن الاصطلاح " (ص 240) نحو ذلك.
وهذا ليس بصحيح فقد قال العراقي في " التقييد والإيضاح " (ص 156): " وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشيء المقارَب هو الردئ، وهذا فهم فإن هذا ليس معروفاً في اللغة، وإنما هو في ألفاظ العوام، وإنما هو على الوجهين من قوله: " سددوا وقاربوا " (*).
وأقره السيوطي في " تدريب الراوي " (1/ 411، 412).
وقال العراقي أيضاً: " من كسر قال: إن معناه أن حديثه مقارب لحديث غيره، ومن فتح قال: معناه أن حديثه يقاربه غيره ".
وقال السخاوي في " فتح المغيث " (2/ 115): " معناها يُقارب الناس في حديثه، أي: ليس حديثه بشاذ ولا منكر ".
وممن ذكر أنها من ألفاظ التعديل الذهبي في " مقدمة الميزان ".
وقال ابن جماعة في " المنهل الروي " (ص 65): " أما ألفاظ الجرح فمراتب: أولها أدناها: لين الحديث فهذا يكتب حديثه وينتظر اعتباراً، قلت: ومثله مقارب الحديث ".
قلت: فمعنى " مقارب الحديث " في غالب الاستعمال أنه يكتب حديثه ولا يُحتمل تفرده، ونحن هنا أردنا أن نبين مراد البخاري فقط، وإن كان ذلك ليس خاصاً به، ولكنها ستكون - إن شاء الله - سلسة حول شرح معاني مصطلحات البخاري.
ومما يدل على أن مراد البخاري ما ذكرناه:
قول الترمذي في " سننه " (1/ 384): " رأيت محمد بن إسماعيل يقوى أمره، ويقول هو مقارب الحديث ".
فقال السخاوي في " فتح المغيث " (2/ 115): " فانظر إلى قول الترمذي، أن قوله مقارب تقوية لأمره، وتفهمه فإنه من المهم الخافى الذي أوضحناه ".
وقول البخاري نفسه - كما في " سنن الترمذي " (4/ 279) - في أبي حمزة الثمالي: " أحمد بن حنبل تكلم فيه، وهو عندي مقارب الحديث ".
وقال في أبي ظلال: " مقارب الحديث "، فقال عبدالحق الإشبيلي في " كتاب التهجد " (ص): " يريد أن حديثه يقرب من حديث الثقات، أي: ليس به بأس ".
وأقره الألباني في " الإرواء " (2/ 10).
وقال في عبدالله بن محمد بن عقيل: " مقارب الحديث "، فقال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (6/ 205): " لا يرتقي خبره إلى درجة الصحة والاحتجاج ".
وهذا المعنى - أنه يكتب حديثه ولا يُحتمل تفرده - إذا ذكر اللفظ مفرداً أما مع اقترانه بألفاظ أخرى فإنه يكن له معاني أخرى، والله أعلم.
والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.
وكتب: محمد بن عبده بن محمد.
ـــــــــــ
(*) الحديث أخرجه الشيخان.
ـ[المقرئ]ــــــــ[14 - 06 - 04, 12:15 م]ـ
وجهة نظر:
إلى الأخ: أبي المنهال وفقه الله
لمعرفة مصطلح من مصطلحات التوثيق أو الجرح المختلف فيها عند إمام معين لا يمكن أن يصل الباحث إلى نتيجة يقتنع بها حتى يدرس أحاديث الراوي وينظر إلى أحكام الإمام على هذه الأحاديث وبمن أعلها
بعد ذلك يتضح لك معنى هذا المصطلح أما أن يفسر المصطلح بتفسير غيره وهي من المصطلحات المختلف فيها والخلاف ليس في درجات التوثيق أو درجات التعديل @ بل الخلاف هي توثيق أو جرح فليس هذا هو السبيل الصحيح للوصول إلى نتيجة جيدة
فإذا بحثت فأنت بين نتائج ثلاث:
1 - إن وجدت أن الإمام يصحح كل حديث لهذا الراوي فذلك دليل على أنه يقبل حديثه ولا يلزم أن تجد أحكام الإمام لكل حديث فيكفي أن تجد كثيرا منها
2 - وإما أن ترى أن الإمام اختلف رأيه في الأحاديث بعضها صححه وبعضها
يضعفها دل هذا على أن الإمام يصحح له ما توبع عليه وأما ما انفرد به فلا يصححه أو ابحث عن سبب آخر
3 - وإما أن تجد أن الإمام كل حديث له يضعفه فهذا دليل على أنها من ردجات الجرح
ولا يمكن أن تفسر مصطلحا بأخذ عينة من أربعة رواة من بين أكثر من أربعين راويا تقريبا بل خذ العينة كلها وانظر فيها لأنه سيترتب على هذا التفسير تصحيح أو تضعيف مئات الأحاديث
وأيضا: إياك أن تعتمد على نسخة واحدة في نقل اللفظ فقد يكون من قال هذه الكلمة مثلا هو الترمذي وأضيفت إلى البخاري فتأكد قبل أن تبدأ أن هذه الكلمة للبخاري على هذا الراوي من خلال الطرق المروفة في التحقيق
هذه مشاركة وجزاكم الله خيرا
أخوك: المقرئ
¥