[الموقف من توثيق ابن حبان:]
ـ[ماهر]ــــــــ[06 - 05 - 04, 05:45 ص]ـ
فصل العلامة المعلمي اليماني - رحمه الله - الحكم في توثيق ابن حبان؛ إذ قال في " التنكيل " (1/ 437 – 438): ((والتحقيق أن توثيقه على درجات:
الأولى: أن يصرح به، كأن يقول: ((كان متقناً)) أو ((مستقيم الحديث)) أو نحو ذلك.
الثانية: أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم.
الثالثة: أن يكون الرجل من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة.
الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه عرف ذلك الرجل معرفة جيدة.
الخامسة: ما دون ذلك.
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل - والله أعلم -)).
وقال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - معقباً على كلام المعلمي: ((هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف المعلمي - رحمه الله - وتمكنه من علم الجرح والتعديل، وهو مما لم أره لغيره فجزاه الله خيراً.
غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة فهو على الغالب مجهول لا يعرف، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين، فإنهم نادراً ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة، بل والتي قبلها أحيانا)).
والحق في ذلك أن ما قرره العلامتان المعلمي والألباني إطلاق يفتقر إلى
تقييد، لتصحح هذه القاعدة، وقد أجاد بعض الباحثين في تفصيل ذلك، إذ قسم الرجال الذين ترجم لهم ابن حبان في ثقاته إلى قسمين:
القسم الأول: الذين انفرد بالترجمة لهم.
القسم الثاني: الذين اشترك مع غيره بالترجمة لهم، وهم على قسمين أيضاً:
الأول: الرواة الذين أطلق عليهم ألفاظ الجرح والتعديل، وهؤلاء الرواة لم يكونوا على درجة واحدة، بل كان فيهم الحافظ والصدوق والمجروح والضعيف والمجهول.
الثاني: الرواة الذين سكت عنهم، وفيهم الحافظ والصدوق والمستور والمجهول والضعيف ومنكر الحديث.
وختاماً نص الباحث نفسه فقال: ((والفصل في الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان هو عرضهم على كتب النقد الأخرى، فإن وجدنا فيها كلاماً أخذنا بما نراه صواباً مما قاله أصحاب كتب النقد، وإن لم نجد فيها كلاماً شافياً طبقنا قواعد النقاد عليهم، وقواعد ابن حبان نفسه.
وأغلب الرواة الذين يسكت عليهم ابن حبان، ويكون الواحد منهم قد روى عنه ثقة، وروى عن ثقة، يكونون مستورين، يقبلون في المتابعات والشواهد ولذلك فإنني قلت في رسالتي عن ابن حبان في الرواة الذين ترجمهم ساكتاً عليهم: بأنهم على ثلاث درجات:
1 - فمنهم الثقات وأهل الصدق.
2 - ومنهم رواة مرتبة الاعتبار.
3 - ومنهم الرواة الذين لا تنطبق عليهم شروط ابن حبان النقدية في
المقبول، وهؤلاء ذكرهم للمعرفة - والله أعلم -)) (رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل (ص72)، وانظر لزاماً: دراسة الشيخ محمد عوامة في مقدمته للكاشف (1/ 30 – 33)، فهو بحث نافع ماتع.
).
والذي أميل إليه: أن ما ذهب إليه بعضهم من تقييد ذلك بعدد الرواة (وهما مؤلفا تحرير تقريب التهذيب 1/ 33 - 34) خطأ محض نشأ عن تسرع في الأحكام وعجلة، وأن ما ذهب إليه اليماني وتابعه عليه الألباني وما نظّره الباحث جيد؛ غير أن الأولى أن يقال: إن ذلك لا يناط تحت قاعدة كلية مطردة بل الأمر يختلف من راوٍ إلى راوٍ حسب المرجحات والقرائن المحيطة التي تحف الراوي، فعندها يحكم على ذلك، وعليه يحمل صنيع الإمامين الجهبذين الذهبي وابن حجر، إذ إنهما لم يعملا ذلك تحت قاعدة كلية، بل مرجع ذلك إلى القرائن المحيطة وحال الراوي وقرب عهده من بُعْدِه، وكونه من المعروفين أو غير المعروفين، وكونه من أهل بلد ابن حبان من غيرهم، والله أعلم.
ومن المناسب أن أنقل هنا ما أملاه الشيخ العلامة سليمان العلوان _ رعاه الله – إذ قال: ((3/ كتاب الثقات:
وقد حصل لنا إستقراء للكتاب، وأنه على أقسام:
1ـ أن يوثق من ضعفه بنفسه في كتابه المجروحين، فله حالتان:
ـ أن يكون تغير اجتهاده، إحساناً للظن في أئمة الإسلام.
¥