تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم مع دراسة هذه الظاهرة عند ابن معين]

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 05 - 04, 11:18 ص]ـ

اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم

مع دراسة هذه الظاهرة عند ابن معين

الأستاذ الدكتور

سعدي مهدي الهاشمي

جامعة أم القرى

?

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ?. أما بعد:

فإن القارئ والدارس لأقوال النقاد في كتب الجرح والتعديل - الرجال - يلاحظ ظاهرة واضحة تكاد تشمل معظم الأئمة المكثرين في نقد الرجال، ألا وهي تعدد أقوالهم المختلفة في الراوي الواحد. وقد حاول العلماء والحفاظ من المحدثين وغيرهم كالأصوليين، معالجتها ودراستها فيما اصطلحوا عليه بـ (تعارض الجرح والتعديل) وذلك لصلتها الوثيقة، بل هي الأساس المعتمد عليه في الحكم على الرواة الذين يُؤَثِّر اجتهاد الناقد فيهم في الحكم على الأحاديث. واختلافهم هذا كاختلاف الفقهاء في الحكم على القضايا الفقهية وتعددها. قال الإمام الترمذي (ت297ه): "وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم" ().

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728ه) نحو هذا القول

فقال: "وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم" ().

وقد صنف العلماء أئمة النقد؛ الرواة. إلى ثلاثة أقسام:

1 - الرواة المتفق على تعديلهم وصحت أحاديثهم.

2 - والضعفاء والمتروكين الذين سقط الاستدلال بمروياتهم.

3 - والرواة المختلف فيهم، الذين تعددت أقوال النقاد في بيان أحوالهم، وترددوا في البتِّ، فيهم سواء مَنْ تشدد من الأئمة في توثيقه وتجريحه، ومن تساهل أو اعتدل منهم.

وتأتي أقوالهم في التوثيق أو التجريح تارة واضحة المعنى محددة الدلالة، وقد تتعدد وتتكرر ولكنها تدل على تعديل الراوي وتوثيقه أو توهينه بل تجريحه مثل قولهم: (لا بأس به)، (صدوق)، (صالح الحديث)، و (ثقة متقن)، (ثبت حجة)، (ثقة ثقة)، و (ليس بحجة)، (ليس بذاك)،

(يعرف وينكر)، و (متروك)، (ليس بثقة)، أو ترد الألفاظ عن الناقد نفسه، ومجموعة في لفظ واحد، التعديل والتجريح، وهذا يدل على ورعهم وخوفهم من قدحهم في راو ليس كما يبدو له، فيتردد في أمره، فيذكر التعديل والتوهين، أو لبيان حاله، والتفصيل في شأنه من خلال تلك العبارة أو اللفظة التي تبدو للناظر متناقضة. ولو ترجح عندهم التجريح بقرينة أخرى لحكموا بجرحهم، وكذلك لو ترجَّح عندهم التوثيق على ضوء قرائن التعديل لعدَّلوهم، وورود مثل هذه الألفاظ على القلة والندرة وهذه بعض النماذج:

1 - قال يعقوب بن شيبة (ت262ه) في عبد الرحمن بن زياد بن أنعم (): "ضعيف الحديث، وهو ثقة صدوق، رجل صالح"، وقال فيه ابن معين (ت234ه): "ليس به بأس وهو ضعيف ".

2 - وقال يعقوب أيضاً في الربيع بن صبيح (): "رجل صالح، صدوق ثقة، ضعيف جداً".

3 - وقال يعقوب بن سفيان (ت277ه) في محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري (): "ثقة عدل، في حديثه بعض المقال، لَيِّن الحديث عندهم".

4 - وقال أبو حاتم الرازي (ت 277ه) في محمد بن الحسن بن زبالة (): "واهي الحديث، ضعيف الحديث، ذاهب الحديث، منكر الحديث، عنده مناكير، وليس بمتروك الحديث".

5 - وقال أبو زرعة الرازي (ت 264ه) في عمر بن عطاء بن وراز (): "ثقة لَيِّن ".

وقد تَرِد الأقوال متعددة ومختلفة لناقد واحد في الراوي نفسه، فينصُّ على توثيقه مرة، وتجريحه مرة أخرى، وقد سوَّغ العلماء ذلك الاختلاف بأن يكون ذلك الراوي عنده ثقة ثم يظهر منه ما يسوِّغ له تجريحه، كأن يحدِّث بحديث ضعيف ثبت عند الناقد ضعف طرقه، أو يعتمد على تجريح أحد أئمة النقد السابقين له، ويعول على تجريحه، أو يطرأ عليه طارئ من اختلاط أو عمى أو غير ذلك فيختل ضبطه ويضعف حفظه، فيجرِّحه، أو عكس ذلك يكون ضعيفاً في بداية أمره، ثم يقوى ويتنبه لمروياته وانتقاده للأحاديث الصحيحة منها، ويختار الرواة الثقات. وبناء على ذلك تتغير صورته عند الناقد الذي سبق تجريحه فيوثقه، وقد تناول الأئمة والحفاظ هذه القضية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير